9 - أخبار السيد الحميري
  يكون إمامهم في المعاد ... خبيث الهوى مؤمن الشّيصبان(١)
  مدح المنصور وعنده سوار فعارضه فهجاه
  : وذكر(٢) إسماعيل بن السّاحر قال أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثني محمد عن أبيه قال حدّثني أبي وعمّي عن أحمد بن إبراهيم بن سليمان بن يعقوب بن سعيد بن عمرو قال حدّثنا الحارث بن عبد المطَّلب قال:
  كنت جالسا في مجلس أبي جعفر المنصور وهو بالجسر وهو قاعد مع جماعة على دجلة بالبصرة وسوّار بن عبد اللَّه العنبريّ(٣) قاضي البصرة جالس عنده والسيّد بن محمد بين يديه ينشد قوله:
  إن الإله الذي لا شيء يشبهه ... أعطاكم الملك للدّنيا وللدّين
  أعطاكم اللَّه ملكا لا زوال له ... حتى يقاد إليكم صاحب الصّين
  وصاحب الهند مأخوذا برمّته ... وصاحب التّرك محبوسا على هون
  والمنصور يضحك سرورا بما ينشده؛ فحانت منه التفاتة فرأى وجه سوّار يتربّد غيظا ويسودّ حنقا ويدلك إحدى يديه بالأخرى ويتحرّق؛ فقال له المنصور: مالك! أرابك شيء؟ قال: نعم، هذا الرجل يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه، واللَّه يا أمير المؤمنين ما صدقك ما في نفسه، وإن الذين يواليهم لغيركم. فقال المنصور: مهلا! هذا شاعرنا ووليّنا، وما عرفت منه إلا صدق محبّة وإخلاص نيّة. فقال له السيّد: يا أمير المؤمنين، واللَّه ما تحمّلت غضّكم لأحد، وما وجدت أبويّ عليه فافتتنت بهما، وما زلت مشهورا بموالاتكم في أيام عدوّكم. فقال له:
  صدقت. قال: ولكن / هذا وأهلوه أعداء اللَّه ورسوله قديما والذين نادوا رسول اللَّه ﷺ من وراء الحجرات(٤)، فنزلت فيهم آية من القرآن {أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}. وجرى بينهما خطاب طويل. فقال السيّد قصيدته التي أوّلها:
  قف(٥) بنا يا صاح وأربع ... بالمغاني الموحشات
  أنشدها أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار [عن](٦) النّوفليّ، وأخبرنا محمد بخبره مع سوّار بالقصّة من هاهنا إلى آخرها؛ وقال فيها:
ويقدّمون ذلك على كل طاعة ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك ويكفرون أصحاب الكبائر ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقا واجبا. والنهروان: كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقيّ.
(١) الشيصبان: من أسماء الشيطان.
(٢) كذا ورد في ب، س. وفي سائر الأصول: «وذكر إسماعيل بن الساحر أن السيد مر بزمعة بن صالح قال أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري ... إلخ». والسند على كلتا العبارتين مضطرب، لأن المعروف أن إسماعيل بن الساحر راوية السيد يروي عنه مباشرة.
(٣) كذا في نسخة الشيخ الشنقيطي بخطه والخلاصة في أسماء الرجال وفيما سيأتي في شعر السيد. وفي الأصول هنا: «العنزي» وهو تحريف.
(٤) يعني وفد بني تميم يوم قدموا المدينة لمفاخرة رسول اللَّه ﷺ، فدخلوا المسجد فوقفوا عند الحجرات (بيوت نسائه عليه الصلاة والسلام) فنادوا بصوت عال جاف: اخرج إلينا يا محمد فقد جئنا لنفاخرك. فأنزل اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (انظر الكلام على هذه القصة بإسهاب في «الأغاني» ج ٤ ص ١٤٦ من هذه الطبعة).
(٥) في ب، س: «قم».
(٦) أثبتنا هذه الزيادة ليصح السند لأن أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار ليس نوفليا وإنما النوفلي هو علي بن محمد بن سليمان وقد تكررت رواية أحمد بن عبيد اللَّه عنه في الأجزاء السابقة.