10 - أخبار عبد الله بن علقمة وحبيشة
  بحبل وقدّمناه لنقتله؛ فقال لنا: هل لكم في خير؟ قلنا: وما هو؟ قال: تدركون بي الظَّعن أسفل الوادي ثم تقتلونني؛ قلنا: نفعل. فخرجنا حتى نعارض الظَّعن أسفل الوادي. فلما كان بحيث يسمعن الصوت، نادى بأعلى صوته: اسلمي حبيش، عند نفاد العيش. فأقبلت إليه جارية بيضاء حسناء فقالت: / وأنت فاسلم على كثرة الأعداء، وشدّة البلاء. فقال: سلام عليكم دهرا، وإن(١) بقيت عصرا. قالت: وأنت سلام عليك عشرا، وشفعا تترى، وثلاثا وترا. فقال:
  إن يقتلوني يا حبيش فلم يدع ... هواك لهم منّي سوى غلَّة الصدر
  وأنت التي أخليت لحمي من دمي ... وعظمي وأسبلت الدموع على نحري
  فقالت له:
  ونحن بكينا من فراقك مرّة ... وأخرى وآسيناك في العسر واليسر
  وأنت - فلا تبعد فنعم فتى الهوى - ... جميل العفاف في المودّة والسّتر(٢)
  فقال لها:
  أريتك إن طالبتكم فوجدتكم ... بحلية(٣) أو أدركتكم بالخوانق(٤)
  ألم يك حقّا أن ينوّل عاشق ... تكلَّف إدلاج السّرى والودائق(٥)
  فقالت: بلى واللَّه. فقال:
  فلا ذنب لي إذ قلت إذ نحن جيرة ... أثيبي بودّ قبل إحدى البوائق
  أثيبي بودّ قبل أن تشحط النّوى ... وينأى خليط بالحبيب المفارق
  قال ابن أبي حدرد: فضربنا عنقه، فتقحّمت الجارية من خدرها حتى أتت نحوه فالتقمت فاه، فنزعنا منها رأسه وإنها لتكسع(٦) بنفسها حتى ماتت مكانها. وأفلت / من القوم غلام من بني أقرم يقال له السّميدع حتى اقتحم على رسول اللَّه ﷺ فأخبره بما صنع خالد وشكاه.
  بلغ رسول اللَّه ﷺ ما فعل خالد فأرسل عليا ¥ لأهل القتلى فوداهم
  : قال ابن دأب: فأخبرني صالح بن كيسان أنّ رسول اللَّه ﷺ سأله: «هل أنكر عليه أحد ما صنع»؟ فقال: نعم، رجل أصفر ربعة ورجل أحمر طويل. فقال عمر: أنا واللَّه يا رسول اللَّه أعرفهما، أمّا الأوّل فهو ابني وصفته، وأما
(١) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «وأنت» وهو تحريف.
(٢) كذا بالأصول. ولعلها: «والبر».
(٣) كذا في نسخة المرحوم الأستاذ الشنقيطي مصححة بقلمه و «شرح الزرقاني على المواهب اللدنية» (ج ٣ ص ٥ طبع بولاق). وحلية:
واد بتهامة أعلاه لهذيل، وأسفله لكنانة. وفي ب، س: «بجيلة». وفي سائر الأصول: «بحقوة» وكلاهما تحريف.
(٤) الخوانق: جمع خانق، وهو موضع بتهامة وقعت فيه حرب بين إياد بن نزار وإخوتها مضر وربيعة فانهزمت إياد، وأصبح من بلاد كنانة بن خزيمة.
(٥) الودائق: جمع وديقة وهي شدّة الحر في الهاجرة.
(٦) تكسع: تضرب.