يزيد بن الطئرية
  الجنوب. قالت: فأيّ طير جرت لك الغداة؟ قال: عنز زنمة(١) رأيتها يداورها ثعلبان؛ فانقضّ عليها سرحان(٢) فراغ الثعلبان. قال: فطفرت وراء سترها، وعرفت أنه يزيد.
  ذهب معه قطريّ لرؤية نساء يحتجبن عنه، وشعره في ذلك
  : قال إسحاق وحدّثني عطرّد قال:
  قال قطريّ بن بوزل ليزيد بن الطَّثريّة: انطلق معي إلى فلانة وفلانة فإنهنّ يبرزن لك ويستترن عنّي، عسى أن أراهنّ اليوم على وجهك. فذهب به معه، فخرج عليهما النّسوة وظلَّا يتحدّثان عندهن حتّى تروّحا. وقال يزيد في ذلك:
  على قطريّ نعمة إن جرى بها ... يزيد وإلَّا يجزه اللَّه لي أجرا
  ذنوت به حتّى رمى الوحش بعدما ... رأى قطريّ من أوائلها نفرا
  قصته مع رجل من صداء أحب خثعمية فأعانه عليها
  : أخبرنا يحيى إجازة عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن عطرّد قال:
  نزل نفر من صداء(٣) بناحية العقيق، وهو منزل ابن الطَّثريّة، نصف النهار فلم يأتهم أحد؛ فأبصرهم ابن الطَّثريّة فمرّ عليهم وهو منصرف وليسوا قريبا من أهله. فلما رآهم مرملين(٤) أنفذ إليهم هديّة ومضى على حياله ولم يراجعهم. فسألوا عنه بعد حتى عرفوه، فحلا عندهم وأعجبهم. ثم إنّ فتى منهم وادّه فآخاه فأهدى له بردا وجبّة / ونعلين. ثم أغار المقدّم بن عمرو بن همّام بن مطرّف بن الأعلم بن ربيعة بن عقيل على ناس من خثعم. وفي ذلك يقول الشاعر:
  مغار ابن همّام على حيّ خثعما
  فأخذ منهم إبلا ورقيقا، وكانت فيهنّ جارية من حسان الوجوه، وكان يهواها الذي آخى يزيد، فأصابه عليها بلاء عظيم حتى نحل جسمه وتغيّرت حاله؛ فأقبل الفتى حتّى نزل العقيق متنكَّرا؛ فشكا إلى يزيد ما أصابه في تلك الجارية. / فقال: أفيك خير؟ قال نعم. قال: فإنّي أدفعها إليك. فخبأه في عريش له أيّاما حتى خطف الجارية فدفعها إليه. فبعث إليها قطريّ بن بوزل، فاعترض لها بين أهلها وبين السوق فذهب بها حتى دفعها إليه وقد وطَّن له ناقة مفاجّة(٥) فقال: النّجاة فإنك لن تصبح حتى تخرج من بلاد قشير وتصير إلى دار نهد فقد نجوت؛ وأنا أخفي أثرك فعفّى أثره، وقال لابنة خمّارة كان يشرب عندها: اسحبي ذيلك على أثره ففعلت. ثم بحث على ذلك حتى
(١) عنز زنمة «: لها لحمتان متدليتان من حلقها.
(٢) السرحان: الذئب.
(٣) كذا في ح، ب، س. وصداء: مخلاف باليمن، بينه وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخا. وفي سائر الأصول: «كداء» وهو موضع بأعلى مكة.
(٤) المرمل: الذي نفد زاده.
(٥) المفاجة: التي تفرّج في المشي بين رجليها.