كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

3 - ذكر خبر عمر بن أبي ربيعة ونسبه

صفحة 205 - الجزء 1

  حدّثني إبراهيم بن يعقوب بن أبي عبد اللَّه عن أبيه عن جدّه عن ثعلبة بن عبد اللَّه بن صعير⁣(⁣١):

  أنّ عمر بن أبي ربيعة نظر في الطَّواف إلى امرأة شريفة، فرأى أحسن خلق اللَّه صورة، فذهب عقله عليها، وكلَّمها فلم تجبه، فقال فيها:

  الرّيح تسحب أذيالا وتنشرها ... يا ليتني كنت ممّن تسحب الريح

  كيما تجرّبنا⁣(⁣٢) ذيلا فتطرحنا ... على الَّتي دونها مغبرّة⁣(⁣٣) سوح⁣(⁣٤)

  أنّى بقربكم أم كيف لي بكم ... هيهات ذلك ما أمست لنا روح

  فليت ضعف الذي ألقى يكون بها ... بل ليت ضعف الذي ألقى تباريح⁣(⁣٥)

  إحدى بنيّات عمّي دون منزلها ... أرض بقيعانها القيصوم⁣(⁣٦) والشّيح

  / / فبلغها شعره فجزعت منه. فقيل لها: اذكريه لزوجك، فإنه سينكر عليه قوله. فقالت: كلَّا واللَّه لا أشكوه إلا إلى اللَّه. ثم قالت: اللَّهم إن كان نوّه باسمي ظالما فاجعله طعاما للريح. فضرب الدهر من ضربه⁣(⁣٧)، ثم إنه غدا يوما على فرس فهبّت ريح فنزل فاستتر بسلمة⁣(⁣٨)، فعصفت الريح فخدشه غصن منها فدمي وورم به ومات من ذلك.


(١) كذا في «تهذيب التهذيب» و «تقريب التهذيب» و «شرح القاموس». وفيء، ح: «صقر». وفي م: «صفر». وفي ر: «صفوان» وفي سائر النسخ: «صعر» وكلها تحريف. قال في «تهذيب التهذيب»: ثعلبة بن صعير ويقال ابن عبد اللَّه بن صعير ويقال ابن أبي صعير ويقال عبد اللَّه بن ثعلبة بن صعير العذريّ. وقال الدار قطنيّ: الصواب فيه عبد اللَّه بن ثعلبة بن أبي صعير، لثعلبة صحبه ولعبد اللَّه رؤية أه.

(٢) يجوز في الفعل الواقع بعد «كيما» وجهان الرفع على أن «ما» كافة لكي عن العمل، والنصب على أن «ما» زائدة وكي عاملة فيما بعدها. وقد روي بالوجهين:

إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما ... يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفع

(٣) مغبرة، يريد بها الفلاة المجدبة.

(٤) سوح: جمع ساحة وهي الفضاء.

(٥) تباريح الشوق: توهجه. قال السيد محمد مرتضى: قال شيخنا وهو من الجموع التي لا مفرد لها، وقيل: مفرده تبريح، واستعمله المحدثون وليس يثبت.

(٦) قال في «اللسان»: القيصوم: ما طال من العشب، ثم قال: والقيصوم من نبات السهل. قال أبو حنيفة: القيصوم من الذكور ومن الأمرار، وهو طيب الرائحة من رياحين البر وورقة هدب وله نورة صفراء، وهي تنهض على ساق وتطول.

(٧) يقال: ضرب الدهر ضربانه ومن ضربانه ومن ضربه، أي مر من مروره وذهب بعضه. والمراد أنه مرت مدّة من الدهر وقع فيها بعض حوادثه.

(٨) السلم: شجر من العضاه وورقه القرظ الذي يدبغ به الأديم. وفي ت، ر: «بقفلة». والقفلة واحدة القفل، وهو الشجر اليابس ولا ينبت إلا بمنجاة من السيل. وفي ح: «بمقلة» والمقلة واحدة المقل وهو حمل الدوم، وهي شجرة تشبه النخلة، وهو غير مناسب، فلعله محرّف عن «قفلة».