كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

4 - أخبار ابن سريج ونسبه

صفحة 207 - الجزء 1

  قال إسحاق: وكان الحسن بن عتبة اللَّهبيّ يروي مثل ذلك فيه. وذكر أنّ قبره بنخلة⁣(⁣١) قريبا من بستان ابن عامر⁣(⁣٢).

  / قال إسحاق وحدّثني الهيثم بن عديّ عن صالح بن حسّان قال: كان عبيد بن سريج من أهل مكة وكان أحسن الناس غناء. قال إسحاق قال عمارة بن أبي طرفة الهذليّ: سمعت ابن جريج يقول: عبيد بن سريج من أهل مكة مولى آل خالد بن أسيد.

  قال إسحاق وحدّثني إبراهيم بن زياد عن أيّوب بن سلمة المخزوميّ قال: كان في عين ابن سريج قبل حلو لا يبلغ أن يكون حولا، وغنّى في خلافة عثمان ¥، ومات بعد قتل الوليد بن يزيد، وكان له صلع في جبهته، وكان يلبس جمّة مركَّبة فيكون فيها أحسن شيء، وكان يلقّب «وجه الباب» ولا يغضب من ذلك، وكان أبوه تركيّا.

  وقال أبو أيّوب المدينيّ: كان ابن سريج، فيما روينا عن جماعة من المكَّيّين، مولى بني جندع بن ليث بن بكر، وكان إذا غنّى سدل قناعه على وجهه حتى لا يرى حوله⁣(⁣٣)، وكان / يوقع بقضيب وقيل: إنه كان يضرب بالعود، وكانت علَّته التي مات منها الجذام.

  ابن سريج أوّل من ضرب بالعود الفارسي على الغناء العربي

  قال إسحاق وحدّثني أبي⁣(⁣٤) قال: أخبرني من رأى عود ابن سريج وكان على صنعة عيدان الفرس، وكان ابن سريج أوّل من ضرب به على الغناء العربيّ بمكة. وذلك أنه رآه مع العجم الذين قدم بهم ابن الزّبير لبناء الكعبة، فأعجب أهل مكة غناؤهم. فقال ابن سريج: أنا أضرب به على غنائي، فضرب به فكان أحذق الناس.

  أمّ ابن سريج

  قال إسحاق وذكر الزّبيريّ: أنّ أمّ ابن سريج مولاة لآل المطلَّب يقال لها «رائقة»، وقيل: بل أمّه هند أخت رائقة، فمن ثمّ قيل: إنه مولى بني المطلَّب بن / حنطب. وكان ابن سريج بعد وفاة عبد اللَّه بن جعفر قد انقطع إلى الحكم بن المطَّلب بن عبد اللَّه بن المطلَّب بن حنطب أحد بني مخزوم، وكان من سادة قريش ووجوهها. وأخذ ابن سريج الغناء عن ابن مسجح.

  الأشخاص المعدودون أصولا للغناء العربيّ

  قال إسحاق: وأصل الغناء أربعة نفر: مكَّيّان ومدنيّان، فالمكَّيان: ابن سريج وابن محرز، والمدنيان: معبد ومالك.

  أوّل شهرة ابن سريج بالغناء

  قال إسحاق: وقال سلمة بن نوفل بن عمارة: أخبرني بذلك من شئت من مشيختنا: أنّ يوما شهر فيه ابن


(١) المراد بها نخلة اليمانية، وهي واد يصبّ فيه يدعان وبه مسجد لرسول اللَّه ÷ وبه عسكرت هوازن يوم حنين.

(٢) بستان ابن عامر، هو مجتمع النخلتين، وكذلك يسميه العامة. والصواب فيه بستان بن معمر، لأنه كان لعمر بن عبيد اللَّه بن معمر.

(٣) في ح، ر: «لا يؤبه له» وهو تحريف.

(٤) كذا في ح، ر، ب، س. وفي سائر النسخ: «الأصمعيّ».