كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أبو دلف

صفحة 398 - الجزء 8

  حتى أخرجت من بين يديه وقد تخرّق السواد وانكسر جفن السيف ولقيت شرّا عظيما مما جرى من ذلك. وكان أغلظ من ذلك عليّ غرامتي السواد والسيف. فلما انصرف إليّ مطيع جعل يتوجّع لي. فقلت له: ألم أخبرك أنّي لا أصيب منهم خيرا وأنّ حظَّي قد مضى مع من مضى من بني أمية!.

  / رجع الحديث إلى أخبار أبي دلف.

  كان جواد ممدّحا وشعر علي بن جبلة فيه

  : وكان أبو دلف جواد ممدّحا؛ وفيه يقول عليّ بن جبلة:

  إنما الدّنيا أبو دلف ... بين مغزاه ومحتضره

  وإذا ولَّى أبو دلف ... ولَّت الدّنيا على أثره

  وهي من جيّد شعره وحسن مدائحه. وفيها يقول:

  ذاد ورد الغيّ عن صدره ... وارعوى⁣(⁣١) واللَّهو من وطره

  ندمي أنّ الشّباب مضى ... لم أبلَّغه مدى أشره

  حسرت عنّي بشاشته ... وذوى المحمود من ثمره

  ودم أهدرت من رشأ ... لم يرد عقلا على هدره

  فأتت دون الصّباهنة ... قلبت فوقي⁣(⁣٢) على وتره

  / دع جدا قحطان أو مضر ... في يمانيه وفي مضره

  وامتدح من وائل رجلا ... عصر الآفاق من عصره

  المنايا في مقانبه ... والعطايا في ذرا⁣(⁣٣) حجره

  ملك تندى أنامله ... كانبلاج النّوء عن مطره

  مستهلّ عن مواهبه ... كابتسام الرّوض عن زهره

  جبل عزّت مناكبه ... أمنت عدنان في نفره

  إنما الدّنيا أبو دلف ... بين مغزاه ومحتضره

  فإذا ولَّى أبو دلف ... ولَّت الدنيا على أثره

  / كلّ من في الأرض من عرب ... بين باديه إلى حضره⁣(⁣٤)


(١) كذا في «ج» ونهاية الأرب (ج ٤ ص ٢٥٠ طبع دار الكتب المصرية طبعة أولى). وفي «سائر الأصول»: «والهوى واللهو من وكره» وهو تحريف.

(٢) الفوق من السهم: موضع الوتر.

(٣) كذا في «نهاية الأرب». وفي «الأصول»: «في ذوي حجره» وهو تحريف.

(٤) في «الأصول»: «بين باديه ومختصره». والتصويب عن «نهاية الأرب».