الأخطل
  وفد على الغضبان بن القبعثري في حمالة فخيره في عطاءين، وقصة ذلك
  : أخبرني أبو خليفة قال حدّثنا ابن سلَّام قال حدّثني يونس وعبد الملك وأبو الغرّاف فألَّفت ما قالوا، قالوا:
  أتى الأخطل الكوفة، فأتى الغضبان بن القبعثري(١) الشيباني فسأله في حمالة، فقال: إن شئت أعطيتك ألفين، وإن شئت أعطيتك درهمين. قال: وما بال الألفين / وما بال الدرهمين؟ قال: إن أعطيتك ألفين لم يعطكها إلَّا قليل، وإن أعطيتك درهمين لم يبق في الكوفة بكريّ إلَّا أعطاك درهمين؛ وكتبنا إلى إخواننا بالبصرة فلم يبق بكريّ بها إلَّا أعطاك درهمين، فخفّت عليهم المثونة وكثر لك النّيل. فقال: فهذه إذا. فقال: نقسهما لك على أن ترد علينا. فكتب بالبصرة إلى سويد بن منجوف(٢) السّدوسيّ فقدم البصرة - فقال يونس في حديثه - فنزل على آل الصّلت بن حريث الحنفي فأخبر من سمعه يقول(٣): واللَّه لا أزال أفعل ذلك. ثم رجع الحديث الأوّل: فأتى سويدا فأخبره بحاجته. فقال نعم! وأقبل على قومه فقال: هذا أبو مالك قد أتاكم يسألكم أن تجمعوا له، وهو الذي يقول:
  إذا ما قلت قد صالحت بكرا ... أبى البغضاء والنّسب البعيد
  وأيّام لنا ولهم طوال ... يعضّ الهام فيهنّ الحديد
  ومهراق الدماء بواردات(٤) ... تبيد المخزيات ولا تبيد
  هما أخوان يصطليان نارا ... رداء الحرب بينهما جديد
  فقالوا: فلا واللَّه لا نعطيه شيئا. فقال الأخطل:
  فإن تبخل سدوس بدرهميها ... فإنّ الرّيح طيّبة قبول(٥)
  تواكلني(٦) بنو العلَّات(٧) منهم ... وغالت مالكا ويزيد غول(٨)
  / صريعا(٩) وائل هلكا جميعا ... كأنّ الأرض بعدهما محول(١٠)
  وقال في سويد بن منجوف - وكان رجلا ليس بذي منظر -:
  /
  وما جذع سوء خرّب السّوس أصله ... لما حمّلته وائل بمطيق
(١) الغضبان بن القبعثري من أشراف العراق، وكان من دعاة المروانية أيام حرب عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير. (انظر «الطبري» ج ٢ ص ٨٠٤ من القسم).
(٢) سويد بن منجوف: من أشراف البصرة. (انظر الكلام عليه في «الطبري» ق ٢ ص ٤٤٣، ٧٧٩).
(٣) في ب، س: ... سمعه بأنه يقول ...».
(٤) يريد يوم واردات وهو يوم كان بين بكر وتغلب في حروبهما (انظر الكلام مفصلا عليه في ج ٥ ص ٥٣ من «الأغاني» من هذه الطبعة).
(٥) القبول: هي ريح الصبا.
(٦) تواكل القوم: إذا اتكل بعضهم على بعض في الأمر.
(٧) يقال: هم بنو العلات: إذا كان الأب واحدا والأمهات شتى.
(٨) يريد مالك بن شيبان الجحدري من قيس بن ثعلبة، ويزيد بن الحارث بن زيد بن رويم الشيباني صاحب شرطة الحجاج.
(٩) في «ديوانه» (طبع بيروت ص ١٢٥): «قريعا وائل» ويعني بهما بكرا وتغلب.
(١٠) كذا في «ديوانه» وفي الأصول «سحول» وهو تحريف.