كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

سلامة القس

صفحة 458 - الجزء 8

  لتصيد قلبك أو جزاء مودّة ... إنّ الرفيق له عليك ذمام

  فاستحسنه يزيد فاشتراها. فكان أوّل صوت غنّته لمّا اشتراها:

  ألا قل لهذا القلب هل أنت مبصر ... وهل أنت عن سلَّامة اليوم مقصر

  ألا ليت أنّي حين صار بها النّوى ... جليس لسلمى حيث ما عجّ مزهر

  / وإنّي إذا ما الموت زال⁣(⁣١) بنفسها ... يزال بنفسي قبلها حين تقبر

  إذا أخذت في الصوت كاد جليسها ... يطير إليها قلبه حين ينظر

  كأنّ حماما راعبيّا⁣(⁣٢) مؤدّيا ... إذا نطقت من صدرها يتغشمر⁣(⁣٣)

  فقال لها يزيد: يا حبيبتي، من قائل هذا الشعر؟ فقصّت عليه القصّة، فرقّ له وقال: أحسن وأحسنت!.

  قال الأحوص شعرا وبعث به إليها حين رحل بها يزيد فغنت به يزيد

  : قال إسحاق وحدّثني المدائنيّ قال:

  لمّا اشترى يزيد بن عبد الملك سلَّامة، وكان الأحوص معجبا بها وبحسن غنائها وبكثرة مجالستها؛ فلما أراد يزيد الرّحلة، قال أبياتا وبعث بها إلى سلَّامة. فلما جاءها الشعر غنّت به يزيد وأخبرته الخبر، وهو:

  صوت

  عاود القلب من سلامة نصب⁣(⁣٤) ... فلعينيّ من جوى الحبّ غرب

  ولقد قلت أيها القلب ذو الشو ... ق، الَّذي لا يحبّ حبّك حبّ

  إنه قد دنا فراق سليمى ... وغدا⁣(⁣٥) مطلب عن الوصل صعب

  غنّاه ابن محرز ثاني ثقيل بالسبّابة في مجرى البنصر عن إسحاق. وفيه لابن مسجح خفيف ثقيل بالوسطى عن عمرو. وفيه لابن عبّاد وعلَّويه رملان. وفيه لدحمان خفيف رمل. هذه الحكايات الثلاث عن الهشاميّ. وذكر حبش أنّ لسلَّامة القسّ فيه ثاني ثقيل بالوسطى.

  عاتبت حبابة حين استخفت بها لأثرتها عند يزيد

  : قال إسحاق وحدّثني أيّوب بن عباية قال: كانت سلَّامة وريّا لرجل واحد، وكانت حبابة لرجل، وكانت المقدّمة منهنّ سلَّامة، حتى صارتا إلى يزيد بن عبد الملك، فكانت حبابة تنظر إلى سلَّامة بتلك العين الجليلة المتقدّمة وتعرف فضلها عليها. فلمّا رأت أثرتها عند يزيد ومحبّة يزيد لها استخفّت بها. فقالت لها سلَّامة! أي


(١) زال: ذهب.

(٢) الراعبي: جنس من الحمام، وحمامة راعبية: ترعب في صوتها ترعيبا وهو شدّة الصوت، جاء على لفظ النسب وليس به، وقيل: هو نسب إلى موضع لا أعرف صيغة اسمه. (عن «لسان العرب» مادة رعب).

(٣) يتغشمر: يصوّت.

(٤) النصب: الداء والبلاء. والغرب: الدمع.

(٥) غدا هنا تامة يستغنى عن منصوبها.