كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

العباس بن الأحنف

صفحة 469 - الجزء 8

  حديث إبراهيم بن العباس مع ابن مهرويه عن شعره

  : حدّثني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال أنشدني إبراهيم بن العبّاسي للعبّاس بن الأحنف:

  صوت

  قالت ظلوم سميّة الظَّلم ... مالي رأيتك ناحل الجسم

  يا من رمى قلبي فاقصده ... أنت العليم بموضع السّهم

  فقلت له: إن أبا حاتم السّجستانيّ حكى عن الأصمعيّ أنه أنشد للعبّاس بن الأحنف:

  صوت

  أتأذنون لصبّ في زيارتكم ... فعندكم شهوات السمع والبصر

  لا يضمر السّوء إن طال الجلوس به ... عفّ الضمير ولكن فاسق النظر

  فقال الأصمعيّ: ما زال هذا الفتى يدخل يده في جرابه فلا يخرج شيئا، حتى أدخلها فأخرج هذا، ومن أدمن طلب شيء ظفر ببعضه. فقال إبراهيم بن العبّاس: أنا لا أدري ما قال الأصمعيّ، ولكن أنشدك للعبّاس ما لا تدفع أنت ولا غيرك فضله، ثم أنشدني قوله:

  /

  واللَّه لو أنّ القلوب كقلبها ... مارقّ للولد الضعيف الوالد

  وقوله:

  لكن مللت فلم تكن لي حيلة ... صدّ الملول خلاف صدّ العاتب

  وقوله:

  حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى ... جاءت أمور لا تطاق كبار

  ثم قال: هذا واللَّه ما لا يقدر أحد على أن يقول مثله أبدا.

  طلب الحسن بن وهب من بنان أن تغنيه بشعر فتندرت عليه

  : حدّثني عمّي قال حدّثني ميمون بن هارون قال: كنّا عند الحسن بن وهب فقال لبنان: غنّيني:

  أتأذنون لصبّ في زيارتكم ... فعندكم شهوات السّمع والبصر

  لا يضمر السوء إن طال الجلوس به ... عفّ الضمير ولكن فاسق النظر

  قال: فضحكت ثم قالت: فأيّ خير فيه إن كان كذا أو أيّ معنّى! فخجل الحسن من نادرتها⁣(⁣١) عليه، وعجبنا من حدّة جوابها وفطنتها.


(١) في ب، س: «بادرتها».