العباس بن الأحنف
  حديث إبراهيم بن العباس مع ابن مهرويه عن شعره
  : حدّثني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال أنشدني إبراهيم بن العبّاسي للعبّاس بن الأحنف:
  صوت
  قالت ظلوم سميّة الظَّلم ... مالي رأيتك ناحل الجسم
  يا من رمى قلبي فاقصده ... أنت العليم بموضع السّهم
  فقلت له: إن أبا حاتم السّجستانيّ حكى عن الأصمعيّ أنه أنشد للعبّاس بن الأحنف:
  صوت
  أتأذنون لصبّ في زيارتكم ... فعندكم شهوات السمع والبصر
  لا يضمر السّوء إن طال الجلوس به ... عفّ الضمير ولكن فاسق النظر
  فقال الأصمعيّ: ما زال هذا الفتى يدخل يده في جرابه فلا يخرج شيئا، حتى أدخلها فأخرج هذا، ومن أدمن طلب شيء ظفر ببعضه. فقال إبراهيم بن العبّاس: أنا لا أدري ما قال الأصمعيّ، ولكن أنشدك للعبّاس ما لا تدفع أنت ولا غيرك فضله، ثم أنشدني قوله:
  /
  واللَّه لو أنّ القلوب كقلبها ... مارقّ للولد الضعيف الوالد
  وقوله:
  لكن مللت فلم تكن لي حيلة ... صدّ الملول خلاف صدّ العاتب
  وقوله:
  حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى ... جاءت أمور لا تطاق كبار
  ثم قال: هذا واللَّه ما لا يقدر أحد على أن يقول مثله أبدا.
  طلب الحسن بن وهب من بنان أن تغنيه بشعر فتندرت عليه
  : حدّثني عمّي قال حدّثني ميمون بن هارون قال: كنّا عند الحسن بن وهب فقال لبنان: غنّيني:
  أتأذنون لصبّ في زيارتكم ... فعندكم شهوات السّمع والبصر
  لا يضمر السوء إن طال الجلوس به ... عفّ الضمير ولكن فاسق النظر
  قال: فضحكت ثم قالت: فأيّ خير فيه إن كان كذا أو أيّ معنّى! فخجل الحسن من نادرتها(١) عليه، وعجبنا من حدّة جوابها وفطنتها.
(١) في ب، س: «بادرتها».