كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

العباس بن الأحنف

صفحة 474 - الجزء 8

  بكت عيني لأنواع ... من الحزن وأوجاع

  وأني كل يوم عن ... دكم يحظى بي السّاعي

  فقال ابن الأعرابيّ: أمّا الغناء فما أدري ما هو، ولكن هذا واللَّه كلام قريب مليح.

  نوّه الواثق بشعره

  : حدّثني الصّوليّ قال حدّثنا محمد بن الهيثم قال حدّثني محمد بن عمرو الرّوميّ⁣(⁣١) قال:

  كنّا عند الواثق فقال: أريد أن أصنع لحنا في شعر معناه أنّ الإنسان كائنا من كان لا يقدر على الاحتراس من عدوّه، فهل تعرفون في هذا شيئا؟ فأنشدنا ضروبا من الأشعار؛ فقال: ما جئتم بشيء مثل قول عبّاس بن الأحنف:

  قلبي إلى ما ضرّني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي

  كيف احتراسي من عدوّي إذا ... كان عدوّي بين أضلاعي

  / أسلمني للحبّ أشياعي ... لمّا سعى بي عندها السّاعي

  لقلَّما أبقى على كلّ ذا ... يوشك أن ينعاني النّاعي

  قال: فعمل فيه الواثق لحنه الثقيل الأوّل، النّشيد⁣(⁣٢) بالوسطى.

  قصة للمتوكل وعليّ بن الجهم في صدد شعره

  : حدّثني الصّوليّ قال حدّثني محمد بن موسى أو حدّثت به عنه عن عليّ بن الجهم قال:

  انصرفت ليلة من عند المتوكل، فلما دخلت منزلي جاءني رسوله يطلبني، فراعني ذلك وقلت: بلاء تتبّعت به بعد انصرافي، فرجعت إليه وجلا، فأدخلت عليه وهو في مرقده. فلما رآني ضحك، فأيقنت بالسلامة؛ فقال: يا عليّ، أنا مذ فارقتك ساهر؛ خطر⁣(⁣٣) على قلبي هذا الشعر الذي يغنّي فيه أخي، قول الشاعر:

  قلبي إلى ما ضرّني داعي الأبيات. فحرصت أن أعمل مثل هذا فلم يجئني، أو أن أعمل مثل اللَّحن فما أمكنني؛ فوجدت في نفسي نقصا، فقلت: يا سيّدي، كان أخوك خليفة يغنّي وأنت خليفة لا تغنّى؛ فقال: قد واللَّه أهديت إلى عيني نوما، أعطوه ألف دينار، فأخذتها وانصرفت.

  أنشد أبو الحارث جميز من شعره فقال: إنه قاله في طباخة

  : وجدت في كتاب الشّاهيني بغير إسناد:

  أنشد أبو الحارث جمّيز⁣(⁣٤) قول العباس بن الأحنف.

  قلبي إلى ما ضرّني داعي


(١) كذا في ج: «عمرو الدوري».

(٢) كذا في أكثر الأصول. وفي ح: الثقيل النشيد بالوسطى. ولعل الصواب:» الثقيل الأوّل بالوسطى.

(٣) في ب، س: «فخطر» بزيادة الفاء.

(٤) كذا في «شرح القاموس والأغاني (ج ١ ص ٨٣ من هذه الطبعة)» وقد ورد فيهما خلاف وتصويب فيه فانظره. وفي أ، ء، م:

«حمين». وفي ب، س: «حميد» بالحاء المهملة. وكلاهما تحريف.