العباس بن الأحنف
  ذكر الأصوات التي تجمع النّغم العشر
  منها:
  صوت
  توهّمت بالخيف رسما محيلا ... لعزّة تعرف منه الطَّلولا
  تبدّل بالحيّ صوت الصّدى ... ونوح الحمامة تدعو هديلا
  عروضه من المتقارب. الخيف الذي عناه كثيّر ليس بخيف منّي، بل هو موضع آخر في بلاد ضمرة.
  والطَّلول: جمع طلل، وهو ما كان(١) له شخص وجسم عال من آثار الدّيار. والرّسم / ما لم يكن له شخص [وجسم](٢). والصّدى هاهنا: طائر، وفي موضع آخر: العطش. ويزعم أهل الجاهليّة أن الصّدى طائر يخرج من رأس المقتول فلا يزال يصيح [أسقوني](٢) حتى يدرك بثأره. قال طرفة:
  كريم يروّي نفسه في حياته ... ستعلم إن متنا صدّى أيّنا الصّدي(٣)
  والحمام: القماريّ ونحوها من الطير. والهديل: أصواتها.
  الشعر لكثيّر والغناء لعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر، ونسبه إلى جاريته وكنى عنها، فذكر أن الصّنعة لبعض من كثرت دربته بالغناء وعظم علمه وأتعب نفسه حتى جمع النّغم العشر في هذا الصوت، وذكر أن طريقته من الثقيل الأوّل، وأنّه ليس يجوز أن ينسبه إلى موضع إصبع مفردة؛ لأن ابتداءه على المثنى مطلقا، ثم بسبّابة المثنى، ثم وسطى المثنى، ثم بنصر المثنى، ثم خنصر المثنى، ثم سبّابة الزّير، ثم وسطاه، ثم بنصره، ثم خنصره، ثم النّغمة الحادّة، وهي العاشرة. وفيه لابن محرز ثاني ثقيل مطلق في مجرى البنصر. وفيه لابن الهربذ رمل بالوسطى عن عمرو، وهذا الصوت من الثقيل / الثاني، وهو الذي ذكر إسحاق في كتاب النّغم وعللها أن لحن ابن محرز فيه يجمع ثمانيا من النغم العشر، وأنه لا يعرف صوتا(٤) يجمعها غيره، وأنه يمكن من كان له علم ثاقب بالصناعة أن يأتي في صوت واحد بالنّغم العشر، بعد تعب طويل ومعاناة شديدة. وذكر عبيد اللَّه أن صانع هذا الصوت الذي كنى عنه فعل ذلك وتلطَّف له حتى أتى بالنغم العشر في هذا متوالية من أوّلها إلى آخرها، وأتى بها في الصوت الذي بعده متفرّقة على غير توال إلَّا أنها كلَّها فيه، وذكر أن ذلك الصوت أحسن مسموعا وأحلى. وحكى ذلك أيضا عنه
(١) في ح «ما بان».
(٢) زيادة عن ح.
(٣) الصدى: العطشان.
(٤) في الأصول: «وأنه لا يعرف صوتا إلى عشرة يجمعها ... إلخ». والظاهر أن كلمة «إلى عشرة» مقحمة.