كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 514 - الجزء 8

  فقال له: اكسني ثوبين أدخل بهما⁣(⁣١) على الأمير. فكساه ثوبين لم يرضهما، فقال فيه:

  /

  أحارث أمسك فضل برديك إنما ... أجاع وأعرى اللَّه من كنت كاسيا

  وكنت إذا استمطرت منك سحابة ... لتمطرني عادت عجاجا وسافيا⁣(⁣٢)

  أحارث عاود شربك الخمر إنني ... رأيت زيادا عنك أصبح لاهيا⁣(⁣٣)

  فبلغت زيادا، وبلغت حارثة، فقال: قبحه اللَّه! لقد شهد [عليّ⁣(⁣٤)] بما لم يعلم، ولم أدع⁣(⁣٥) جوابه إلَّا لما يعلم.

  مجاهرة الحكم ابن المنذر بالشراب لأبيات لحارثة

  : أخبرني محمد بن مزيد، قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه، عن عاصم ابن الحدثان، قال:

  كان الحكم بن المنذر بن الجارود يشرب الشراب، فقيل له في ذلك وعوتب، وعرف أن الصّلتان العبدي هجاه فقال فيه:

  ترك الأشياء طرّا وانحنى⁣(⁣٦) ... يشرب الصّهباء من ماء العنب

  لا يخاف الناس قد أدمنها ... وهي تزري باللَّئيم المؤتشب⁣(⁣٧)

  وهي بالأشراف أزرى وإلى ... غاية التّأنيب تدعو ذا الحسب

  فدع الخمر أبا حرب وسد⁣(⁣٨) ... قومك الأدنين من بين العرب

  فقال: لعنه اللَّه! واللَّه ما ترك للصلح موضعا، ولقد صدق، ولولا الشرب⁣(⁣٩) لكنت الرجل الكامل، وما يخفي عليّ قبيحة⁣(⁣١٠) وسوء القالة فيه، ولكني سمعت حارثة بن بدر الغداني أنشد أبياتا يوما فحملتني على المجاهرة الشراب، وإن كان ذلك إليّ بغيضا. قيل له: وما الأبيات؟ قال: سمعته ينشد:

  /

  أذهب عني الغمّ والهمّ والذي ... به تطرد⁣(⁣١١) الأحداث شرب المروّق

  فو اللَّه ما أنفكّ⁣(⁣١٢) بالرّاح مهترا⁣(⁣١٣) ... ولولا لام فيها كلّ حرّ موفّق


(١) أ، ب: «فيهما».

(٢) العجاج: الغبار. والسافي: التراب المتبدد.

(٣) أ، ب: أرى ابن زياد عنك أصبح لاهيا.

(٤) تكملة من أ، ب.

(٥) أ، ب: «وما أدع».

(٦) س: «والخنى».

(٧) المؤتشب: الذي جمع ماله من الأشابات، وهي الأخلاط فيها الحرام.

(٨) أ، ب: «تسد».

(٩) أ، ب: «الشراب».

(١٠) أ، ب: «قبحه».

(١١) أ، ب: «تطرق».

(١٢) أ، ب: «ولا أنفك».

(١٣) المهتر:؟