كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 516 - الجزء 8

  الخمر قدرك ومروءتك. قال له: دع عنك هذا الجنون وهلمّ نتساعد واسمع ما قلت.

  قال: هاته، فأنشده:

  غدا ناصحا لم يأل جهدا مخارق ... يلوم على شرب السّلاف المعتّق

  فقلت أبا صخر دع الناس يجهلوا ... ودونكها صهباء ذات تألَّق

  تراها إذا ما الماء خالط جسمها ... تخايل في كفّ الوصيف المنطَّق⁣(⁣١)

  لها أرج كالمسك تذهب ريحها ... عماية حاسيها بحسن ترفّق

  وكم لائم فيها بصير بفضلها ... رمته بسهم صائب متزلَّق⁣(⁣٢)

  فظلّ لريّاها يعضّ ندامة ... يديه وأرغى بعد طول تمطَّق⁣(⁣٣)

  وقال لك العذر ابن بدر على التي ... تسلَّي هموم المستهام المشوّق

  / فلست ابن صخر تاركا شرب قهوة ... لقول لئيم جاهل⁣(⁣٤) متحذلق

  يعيب عليّ الشّرب والشرب همّه ... ليحسب ذا رأي أصيل مصدّق

  فما أنا بالغرّ ابن صخر ولا الذي ... يصمّم في شيء من الأمر موبق⁣(⁣٥)

  فقال له مخارق بن صخر: إنما عاتبتك لأن الناس قد كثّروا⁣(⁣٦) فيك، ورأيت النصيحة للَّه واجبة عليّ، وكرهت⁣(⁣٧) أن تضع لذّتك قدرك، فإن أطعتني في تركها وإلَّا فلا تجاهر بها، فإنك قادر [على⁣(⁣٨)] أن تبلغ حاجتك في ستر. فقال حارثة: ما عندي غير ما سمعت، فتركه وانصرف.

  هو وأبو الأسود وقيل مولى زياد

  : أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي، قال: أنبأنا الرياشيّ عن محمد بن سلام، عن يونس بن حبيب، قال:

  لما بنى قيل مولى زياد داره⁣(⁣٩) بالسّبابجة⁣(⁣١٠)، صنع طعاما ودعا أصحاب زياد، فدخلوا الحمام المعروف


(١) أ، ب: «فكم لائم ... بسهم صائب لم يذلق».

(٢) متزلق: محدد.

(٣) التمطق: التصويت باللسان والغار الأعلى، وذلك عند استطابة الشيء.

(٤) أ، ب: «عاجز».

(٥) موبق: مهلك.

(٦) أ، ب: «قد أكثروا».

(٧) أ، ب: «ورأيت النصيحة لك واجبة، فكرهت أن».

(٨) تكملة من أ، ب.

(٩) أ: «لما بنى فيل مولى داره بالسبابجة». «س»: «لما بنى داره فيل مولى زياد بالسبابجة».

(١٠) السبابجة: قوم من السند، كانوا نواب البصرة جلاوزة وحراس السجن، يريد الحي الذي كانوا ينزلونه.