كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 517 - الجزء 8

  بحمّام⁣(⁣١) فيل، وخرجوا⁣(⁣٢) فتغدّوا عنده، وركب فيل وأصحابه الهماليج والمقاريف⁣(⁣٣) والبغال، واجتاز بهم معه⁣(⁣٤) على حارثة بن بدر وأبي الأسود الدّؤليّ وهما جالسان، فقال أبو الأسود:

  /

  لعمر أبيك ما حمّام كسرى ... على الثّلثين من حمّام فيل

  فقال له حارثة:

  وما إيجافنا خلف الموالي ... بسنّتنا على عهد الرّسول

  تعقب الأحنف له في قول بلغه عنه بمحضر ابن زياد

  : أخبرني محمد بن مزيد، قال: أنبأنا حماد عن أبيه، عن عاصم بن الحدثان، قال: حدثني عمي عن الحارث الهجيمي، قال:

  ذكر حلم الأحنف بن قيس عند عبيد اللَّه بن زياد وعنده حارثة بن بدر، فنفس عليه حارثة ذلك، فقال لعبيد اللَّه:

  أيها الأمير⁣(⁣٥)، ما يبلغ حلم من لا قدرة له ولا يملك لعدوّه ضرّا ولا لصديقه نفعا. وإنما يتكلَّف الدخول فيما لا يعنيه؟ فبلغ ذلك من قوله. الأحنف فقال: أهون بحارثة وكلامه؟ وما حارثة ومقداره؟ أليس الذي يقول - قبح اللَّه رأيه - في قوله:

  إذا ما شربت الراح أبدت مكارمي ... وجدت بما حازت يداي من الوفر

  وإن سبّني جهلا نديمي لم أزد ... على اشرب سقاك اللَّه طيّبة النّشر

  أرى ذاك حقّا واجبا لمنادمي ... إذا قال لي غير الجميل من النّكر

  هو وجاريته ميسة

  : أخبرني عمّي، قال: أنبأنا الكرانيّ، قال: أنبأنا الرياشيّ عن الأصمعي⁣(⁣٦)، قال:

  كان لحارثة بن بدر جارية يقال لها «ميسة» وكان بها مشغوفا، فلما مات تزوجت بعده بشر بن شغاف. فهؤلاء الشّغافيون⁣(⁣٧) من ولدها، وفيها يقول حارثة:

  /

  خليليّ لولا حبّ ميسة لم أبل ... أفي اليوم لاقيت المنيّة أم غدا

  خليليّ إن أفشيت سرّي إليكما ... فلا تجعلا سرّي حديثا مبدّدا⁣(⁣٨)


(١) حمام فيل: بالبصرة. وكان أهل البصرة يضربون المثل به. «معجم البلدان».

(٢) أ، ب: «ثم خرجوا».

(٣) الهماليج: البراذين، جمع هملاج، بكسر الهاء. والمقاريف: الخيل غير الأصيلة، واحدها مقرف، بضم فسكون فكسر.

(٤) أ: «واجتازوهم معه». وفي ب: «واجتازوا وهم معه».

(٥) أ، ب: «وما يبلغ ...».

(٦) أ، ب: «العتبي».

(٧) س: «الشعافيون» تصحيف. «الاشتقاق» لابن دريد ص ٢٧٧).

(٨) هذا البيت ساقط من ب.