كثير عزة
  في هذين البيتين غناء لمقاسة. ولحنه من الثقيل الأول بالخنصر عن حبس.
  كنيته وطبقته في الشعراء ونحلته:
  ويكنى كثيّر أبا صخر. وهو من فحول شعراء الإسلام، وجعله ابن سلَّام في الطبقة الأولى منهم وقرن به جريرا والفرزدق والأخطل والرّاعي. وكان غاليا في التشيّع يذهب مذهب الكيسانيّة(١)، ويقول بالرّجعة والتّناسخ، وكان محمّقا مشهورا بذلك. وكان آل مروان يعلمون بمذهبه فلا يغيّرهم ذلك لجلالته في أعينهم ولطف محلَّه في أنفسهم وعندهم. وكان من أتيه الناس وأذهبهم بنفسه على كل أحد.
  الحديث عنه وعلى شعره:
  أخبرني به(٢) أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني هارون بن عبد اللَّه الزّهريّ قال حدّثني سليمان بن فليح قال: سمعت محمد بن عبد العزيز (يعني ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف) يقول ما قصّد القصيد ولا نعت الملوك مثل كثيّر.
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثني الزّبير بن بكَّار قال كتب إليّ إسحاق بن إبراهيم الموصليّ حدّثني إبراهيم بن سعد قال: إني لأروي لكثيّر ثلاثين قصيدة لو رقي بها / مجنون لأفاق.
  أخبرني الحرميّ قال حدّثني الزبير قال حدّثني بعض أصحاب الحديث قال:
  كنّا نأتي إبراهيم بن سعد وهو خبيث(٣) النفس، فنسأله عن شعر كثيّر فتطيب نفسه ويحدّثنا.
  أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزبير قال حدّثنا عمر بن أبي بكر المؤمّليّ(٤) عن عبد اللَّه بن أبي عبيدة قال:
  من لم يجمع من شعر كثيّر ثلاثين لاميّة فلم يجمع شعره. قال الزبير قال المؤمّليّ: وكان ابن أبي عبيدة يملي شعر كثيّر بثلاثين دينارا. قال وسئل عمّي مصعب: من أشعر الناس؟ فقال: كثيّر بن أبي جمعة، وقال: هو أشعر من جرير والفرزدق والراعي وعامّتهم (يعني الشعراء)، ولم يدرك أحد في مديح الملوك ما أدرك كثيّر.
  أخبرني أبو خليفة الفضل بن الحباب إجازة قال حدّثنا محمد بن سلَّام الجمحيّ قال:
  / كان كثيّر شاعر أهل الحجاز، وهو شاعر فحل، ولكنه منقوص حظَّه بالعراق.
  أخبرني أبو خليفة قال أخبرنا ابن سلَّام قال سمعت يونس النحويّ يقول:
  كثيّر أشعر أهل الإسلام. قال ابن سلَّام: وسمعت ابن أبي حفصة يعجبه مذهبه في المديح جدّا، ويقول: كان يستقصي المديح، وكان فيه مع جودة شعره خطل وعجب.
(١) الكيسانية: فرقة من الشيعة الإمامية، وهم أصحاب كيسان مولى علي بن أبي طالب. (انظر الحاشية رقم ٣ في ج ٧ ص ٢٣١ من هذه الطبعة).
(٢) وردت هذه الكلمة «به» في جميع الأصول.
(٣) المراد بخبث النفس: غثيانها.
(٤) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «الموصلي». (انظر الحاشية رقم ١ ص ١٢٣ من الجزء الرابع من هذه الطبعة، و «المشتبه» ص ٣٠٠ طبع أوروبا).