كثير عزة
  أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني محمد بن إسماعيل الجعفريّ قال أخبرني إبراهيم بن إبراهيم بن حسين بن زيد قال:
  سمعت المسور بن عبد الملك يقول: ما ضرّ من يروي شعر كثيّر وجميل ألَّا تكون عنده مغنّيتان مطربتان.
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبي وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق بن إبراهيم عن المدائنيّ عن الوقّاصيّ قال:
  رأيت كثيّرا يطوف بالبيت، فمن حدّثك أنه يزيد على ثلاثة أشبار فكذّبه؛ وكان إذا دخل على عبد العزيز بن مروان يقول: طأطئ رأسك لا يصبه السقف.
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني إسحاق بن إبراهيم عن المدائنيّ، وعن ابن حبيب عن أبيه عن جدّه عن جدّ أبيه عبد العزيز وأمّه جمعة بنت كثيّر قال:
  قال [جرير(١)] لكثيّر: أيّ رجل أنت لولا دمامتك! فقال كثيّر:
  إن أك قصدا(٢) في الرجال فإنّني ... إذا حلّ أمر ساحتي لطويل
  ما كان بينه وبين الحزين الديلي:
  أخبرني حبيب بن نصر وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق بن إبراهيم عن المدائنيّ عن الوقّاصيّ قال، وأخبرنا الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني محمد بن يحيى عن بعض أصحابهم الدّيليّين قال:
  التقى كثيّر والحزين(٣) الدّيليّ بالمدينة في دار ابن أزهر في سوق الغنم، فضمّهما المجلس. فقال كثيّر للحزين: ما أنت شاعر يا حزين، إنما توصل الشيء إلى الشيء. فقال له الحزين: أتأذن لي أن أهجوك؟ قال نعم.
  وكان كثيّر قال قبل ذلك وهو ينتسب إلى بني الصّلت(٤) بن النّضر بن كنانة:
  أليس أبي بالنّضر أوليس إخوتي ... بكلّ هجان من بني الصّلت أزهرا
  فإن لم تكونوا من بني الصّلت فاتركوا ... أراكا بأذيال الخمائل(٥) أخضرا
  قال: فلما أذن كثيّر للحزين أن يهجوه قال الحزين:
  /
  لقد علقت زبّ الذّباب كثيّرا ... أساود(٦) لا يطنينه وأراقم
(١) التكملة من «تجريد الأغاني»:
(٢) في الأصول: «قصيرا» والتصويب عن «تجريد الأغاني». والقصد: الربعة من الرجال.
(٣) اسمه عمرو بن عبيد بن وهيب بن مالك، والحزين لقبه، من شعراء الدولة الأموية، حجازي مطبوع ليس من فحول طبقته. وكان هجاء خبيث اللسان ساقطا يرضيه اليسير ويتكسب بالشعر وهجاء الناس. (انظر ترجمته في ج ١٤ ص ٧٦ من «الأغاني» طبع بولاق).
(٤) الصلت بن النضر: أبو خزاعة.
(٥) كذا في نسخة الأستاذ الشنقيطي مصححة بقلمه. والخميلة: المنهبط الغامض من الرمل، وهي مكرمة للنبات. وفي الأصول:
«الحمائل» بالحاء المهملة.
(٦) الأساود: الحيات. ولا يطنينه: لا يبقين عليه؛ يقال: رماه اللَّه بأفعى لا تطنى أي لا يفلت لديغها. والأرقم: أخبث الحيات وأطلبها للناس.