كثير عزة
  تيمّمت شيخا منهم ذا بجالة(١) ... بصيرا بزجر الطير منحنى الصّلب
  فقلت له ما ذا ترى في سوانح ... وصوت غراب يفحص الوجه بالتّرب
  / فقال جرى الطير السّنيح ببينها ... وقال غراب جدّ منهمر السّكب
  فإلَّا تكن ماتت فقد حال دونها ... سواك خليل باطن من بني كعب
  - غنّاه مالك من رواية يونس ولم يجنّسه - قال: فمدح الرجل الأزديّ ثم أتاه فأصاب منه خيرا كثيرا، ثم قدم عليها فوجدها قد تزوجت رجلا من بني كعب، / فأخذه الهلاس(٢)، فكشح(٣) جنباه بالنار. فلما اندمل(٤) من علَّته وضع يده على ظهره فإذا هو برقمتين، فقال: ما هذا؟ قالوا: إنه أخذك الهلاس وزعم الأطبّاء أنه لا علاج لك إلَّا الكشح بالنار فكشحت بالنار. فأنشأ يقول:
  صوت
  عفا اللَّه عن أمّ الحويرث ذنبها ... علام تعنّيني وتكمي(٥) دوائيا
  فلو آذنوني(٦) قبل أن يرقموا بها ... لقلت لهم أمّ الحويرث دائيا
  - في هذين البيتين لمالك ثقيل أوّل بالوسطى. ولابن سريج رمل بالبنصر كلاهما عن عمرو والهشاميّ. وقيل:
  إن فيهما لمعبد لحنا - وقد أخبرني بهذا الخبر أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة ولم يتجاوزاه بالرواية فذكر نحو هذا وقال فيه: إنه قصد ابن الأزرق بن حفص بن المغيرة المخزوميّ الذي كان باليمن، وإنه فعل ذلك بعد موت عزّة. وسائر الخبر متقارب.
  سأله ابن جعفر عن سبب هزاله فأجابه:
  وأخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني محمد بن إسماعيل الجعفريّ عن محمد بن سليمان بن فليح أو فليح بن سليمان - أنا شككت - عن أبيه عن جدّه قال:
  جاء كثيّر إلى عبد اللَّه بن جعفر وقد نحل وتغيّر. فقال له عبد اللَّه: مالي أراك متغيرا يا أبا صخر؟ قال: هذا ما عملت بي أمّ الحويرث، ثم ألقى قميصه فإذا به قد صار مثل القشّ وإذا به آثار من كيّ، ثم أنشده:
  عفا اللَّه عن أمّ الحويرث ذنبها
  الأبيات.
(١) ذا بجالة: يبجله الناس ويعظمونه.
(٢) الهلاس: داء يهزل الجسم أو هو السل.
(٣) الكشح: الكيّ بالنار.
(٤) أي تماثل وتراجع للبرء.
(٥) تكمي: تستر.
(٦) كذا في «تجريد الأغاني»: وفي الأصول: «ولولا ذنوبي» وهو تحريف.