عبيد الله بن عبد الله بن طاهر
  صوت له يجمع ثماني نغم وقد مدحه إسحاق
  صوت
  وهو يجمع من النّغم ثمانيا:
  يا من لقلب مقصر ... ترك المنى لفواتها
  / وتظلَّف النفس التي ... قد كان من حاجاتها
  وطلابك الحاجات من ... سلمى ومن جاراتها
  كتطرّد العنس الذّمو ... ل(١) الفضل من مثناتها
  قوله: «يا من لقلب مقصر» تأسّف على شبابه، ويدلّ على ذلك قوله:
  وتظلَّف النفس التي ... قد كان من حاجاتها
  يقال: اظلف نفسك عن كذا أي أمنعها منه لئلا بكون لها أثر فيه. وهو مأخوذ من ظلف الأرض وهو المكان(٢) الذي لا أثر فيه. قال عوف بن الأحوص:
  ألم أظلف(٣) عن الشعراء عرضي ... كما ظلف الوسيفة بالكراع
  / الوسيقة: الجماعة من الإبل. يعني أنها تساق فلا يوجد لها أثر في الكراع، وهو منقطع الجبل. قال الشاعر:
  أمست كراع الغميم(٤) موحشة ... بعد الذي قد خلا، من العجب
  وقوله:
  كتطرّد العنس الذّمو ... ل الفضل من مثناتها
  يقول: طلابك هذه الحاجات ضلال وتتابع كتطردّ العنس (وهي الناقة المذكَّرة الخلق) الفضل من مثناتها. والتطرّد:
  التتبّع، ومثله قول الشاعر:
  خبطت الصّبا خبط البعير خطامه ... فلم أنتبه للشّيب حتى علانيا
  الشعر لمسافر بن أبي عمرو بن أميّة بن عبد شمس. والغناء لابن محرز ثاني ثقيل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق. وهذا الصوت يجمع من النّغم ثمانيا، وكذلك ذكر إسحاق ووصف أنه لم يجمع شيء من الغناء قديمه وحديثه إلى عصره من النغم ما جمعه هذا الصوت، ووصف أنه لو تلطَّف متلطَّف لأن يجمع النّغم العشر في صوت واحد لأمكنه ذلك، بعد أن يكون فهما بالصناعة طويل المعاناة لها وبعد أن يتعب نفسه في ذلك حتى يصحّ له. فلم يقدر على ذلك سوى عبيد اللَّه بن عبد اللَّه إلى وقتنا هذا.
(١) ناقة ذمول: تسير سيرا سريعا لينا. والمثناة الحبل.
(٢) أي المكان الصلب الذي لا يبقى فيه أثر للمشي.
(٣) أي عميت عليهم أثري. وقوله: «كما ظلف الوسيقة بالكراع» قال ابن الأعرابي: هذا رجل سل إبلا فأخذ في كراع من الأرض لئلا تستبين آثارها فتتبع. (عن «لسان العرب» مادة ظلف).
(٤) كراع الغميم: موضع بين مكة والمدينة.