عبيد الله بن عبد الله بن طاهر
  وفد نصيب على عبد العزيز بن مروان ومدحه فأجازه:
  أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني جميع بن عليّ النّميريّ عن عبد اللَّه بن عبد العزيز بن محجن بن النّصيب، قال الزبير وكتب إليّ بذلك عبد اللَّه بن عبد العزيز يذكره عن عوضة بنت النّصيب قالت:
  وفد أبي على عبد العزيز بن مروان بمصر، فوقف على الباب فاستأذن فلم يؤذن له. فأرسل إليه حاجبه فقال:
  استنشده، فإن كان شعره رديئا فاردده، وإن كان جيّدا / فأدخله. فقال نصيب: قد جلبنا شيئا للأمير، فإن قبله نشرناه عليه وإلَّا طويناه ورجعنا به. فقال عبد العزيز: إنّ هذا لكلام رجل ذهن، فأدخله. فلمّا واجهه أنشده قصيدته التي يقول فيها:
  ألا هل أتى الصقر بن مروان أنّني ... أردّ لدي الأبواب عنه وأحجب
  وأنّي ثويت اليوم والأمس قبله ... على الباب حتى كادت الشمس تغرب
  وأنّي إذا رمت الدخول تردّني ... مهابة قيس والرّتاج المضبّب(١)
  قال: وكان حاجب عبد العزيز يسمى قيسا. قال: وتشبيب هذه القصيدة:
  ألا أيها الرّبع المقيم بعنبب ... سقتك السّواقي من مراح ومعزب
  قال: فلمّا دخل على عبد العزيز أعجب بشعره وأوجهه(٢)، وقال للفرزدق: كيف تسمع هذا الشعر؟ قال: حسن إلَّا من لغته. قال: هذا واللَّه أشعر منك!. قال: وقال نصيب فيها أيضا:
  وأهلي بأرض نازحون وما لهم ... كاسب غيري ولا متقلَّب
  فهل تلحقنّيهم بعبل(٣) مواشك ... على الأين من نجب ابن مروان أصهب
  أبو بكرات إن أردت افتحاله ... وذو ثبتات بالرّديفين متعب
  فقال له عبد العزيز: أدخل على المهاري(٤) فخذ منها ما شئت، فلو كنت سألت غيره لأعطيته. فدخل فردّه الجمّال.
  فقال عبد العزيز: دعه فإنما يأخذ الذي نعت، فأخذه.
  / قال الزّبير وحدّثني بعض أصحابنا عن محمد بن عبد العزيز قال:
  نزل عبد العزيز بن عبد الوهّاب على المهدي بعنبب من وادي السّراة الذي عنى نصيب بقوله:
  ألا أيها الرّبع الخلاء بعنبب
  والمهدي(٥) هو الذي يقول فيه الشاعر:
  اسلمي يا دار من هند ... بالسّويقات إلى المهدي
(١) رتاج مضبب: مجعولة له ضبة.
(٢) أوجهه: جعله وجيها وشرفه.
(٣) العبل: الضخم. والمواشك: السريع. والأين: الإعياء والتعب. وفي هذا البيت إقواء.
(٤) المهرية: إبل منسوبة إلى مهرة بن حيدان وهو أبو قبيلة.
(٥) الظاهر أنه اسم موضع ولم نقف عليه. (وسويقة): اسم لمواضع كثيرة. ولعل «السويقات» موضع بعينه.