كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأعشى ونسبه

صفحة 88 - الجزء 9

  فأعجبته نفسه ورآه ينظر في أعطافه. فقيل له: لقد أصبحت اليوم تائها! فقال: وما يمنعني من ذلك وقد أخذت عن أبي عبّاد معبد أحد عشر صوتا منها:

  هريرة ودّعها وإن لام لائم

  وأبو عبّاد مغنّي أهل المدينة وإمامهم!.

  قال: وكان معبد يقول واللَّه لقد صنعت صوتا لا يقدر أن يغنّيه شبعان ممتلئ، ولا يقدر متكئ على أن يغنّيه حتى يجثو، ولا قائم حتى يقعد. قيل: وما هو يا أبا عبّاد؟ قال إسحاق فأخبرني بذاك محمد بن سلَّام الجمحيّ أنه بلغه أن معبدا قاله. وأخبرني بهذا الخبر إسماعيل بن يونس الشّيعيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو غسّان محمد بن يحيى قال: قال معبد: واللَّه لأغنّين صوتا لا يغنّيه مهموم ولا شبعان ولا حامل حمل، ثم غنّى:

  ولقد قلت والضم ... ير كثير البلابل

  ليت شعري تمنّيا ... والمنى غير طائل

  هل رسول مبلَّغ ... فيؤدّي رسائلي

  لحن معبد هذا خفيف ثقيل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق ويونس. وفيه ثقيل أوّل ينسب إليه أيضا، ويقال: إنه لأهل مكة.

  صوت معبد المسمى بالمنمنم:

  ومنها الصوت المسمّى بالمنمنم.

  صوت

  هاج ذا القلب من تذكَّر جمل ... ما يهيج⁣(⁣١) المتيّم المحزونا

  إذا تراءت على البلاط فلمّا ... واجهتنا كالشمس تعشي العيونا

  ليلة السبت إذ نظرت إليها ... نظرة زادت الفؤاد جنونا

  الشعر لإسماعيل بن يسار. والغناء لمعبد ثقيل أوّل بالوسطى. وفيه لدحمان ثاني ثقيل بالبنصر، ذكر الهشاميّ أنّه لا يشكّ فيه من غنائه. وقد مضت أخبار إسماعيل بن يسار في المائة المختارة فاستغني عن إعادتها هاهنا.

  صوت

  صوت معبد المسمى بمعقصات القرون:

  آمن آل ليلى بالملا متربّع ... كما لاح وشم في الذراع مرجّع

  سأتبع ليلى حيث سارت وخيّمت ... وما الناس إلَّا ألف ومودّع

  الشعر لعمرو بن سعيد بن زيد، وقيل: إنه للمجنون وإنّ مع هذين البيتين أخر وهي:


(١) في الأصول: «ما يهيم المتيم المحزونا». وهو لا يستقيم لغة. وورد في صدر البيت مما يرجح ما أثبتناه.