كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ونسبه

صفحة 100 - الجزء 9

  كان عراك بن مالك وأبو بكر بن حزم وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة يتجالسون بالمدينة زمانا. ثم أن ابن حزم ولي إمرتها وولي عراك القضاء، وكانا يمرّان بعبيد اللَّه فلا يسلَّمان عليه ولا يقفان، وكان / ضريرا فأخبر بذلك، فأنشأ يقول:

  /

  ألا أبلغا عنّي عراك بن مالك ... ولا تدعا أن تثنيا بأبي بكر

  فقد جعلت تبدو شواكل منكما ... كأنّكما بي موقران من الصّخر

  وطاوعتما بي داعكا⁣(⁣١) ذا معاكة ... لعمري لقد أزرى وما مثله يزري

  ولولا اتّقائي ثم بقياي فيكما ... للمتكما لوما أحرّ من الجمر

  صوت

  فمسّا تراب الأرض منها خلقتما ... ومنها المعاد والمصير إلى الحشر

  ولا تأنفا أن تسألا وتسلَّما ... فما خشي الإنسان شرّا من الكبر

  فلو شئت أن ألفي عدوّا وطاعنا ... لألفيته أو قال عندي في السرّ

  فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... ضحكت له حتى يلجّ ويستشري

  عروضه من الطويل. غنّي في:

  فمسّا تراب الأرض منها خلقتما

  والذي بعده لحن من الثقيل الأوّل بالبنصر من رواية عمرو بن بانة وابن المكَّيّ ويونس وغيرهم. وزعم ابن شهاب الزّهريّ أن عبيد اللَّه قال هذه الأبيات في عمر بن عبد العزيز وعمرو بن عثمان، يعني [أن] الأبيات الأول ليست منها في شيء، وإنما أدخلت فيها لاتّفاق الرّويّ والقافية.

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ قال حدّثنا إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن ابن شهاب قال:

  / جئت عبيد اللَّه بن عبد اللَّه يوما في منزله فوجدته ينفخ وهو مغتاظ؛ فقلت له: مالك؟ قال: جئت أميركم آنفا - يعني عمر بن عبد العزيز - فسلَّمت عليه وعلى عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان، فلم يردّا عليّ، فقلت:

  فمسّا تراب الأرض منها خلقتما

  وذكر الأبيات الأربعة. قال فقلت له: رحمك اللَّه! أتقول الشعر في فضلك ونسكك! قال: إنّ المصدور إذا نفث برأ.

  قال أبو زيد حدّثنا إبراهيم بن المنذر، وأنشدني هذه الأبيات عبد العزيز بن أبي ثابت عن ابن أبي الزّناد له وذكر مثل ذلك وأنها في عمر بن عبد العزيز وعبد اللَّه بن عمرو، وزاد فيها:

  وكيف يريدان ابن تسعين حجّة ... على ما أتى وهو ابن عشرين أو عشر


(١) الداعك: الأحمق. والمعاكة: الحمق.