ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره
  - غنّاه الغريض ثقيلا أوّل بالوسطى من رواية حبش - قالوا: فقال له الطبيب: إن مما يسليك عنها أن تتذكر ما فيها من المساوئ والمعايب وما تعافه النفس من أقذار بني آدم؛ فإن النفس تنبو حينئذ وتسلو ويخفّ ما بها. فقال:
  إذا عبتها شبّهتها البدر طالعا ... وحسبك من عيب لها شبه البدر
  لقد فضّلت لبنى على الناس مثل ما ... على ألف شهر فضّلت ليلة القدر
  صوت
  إذا ما مشت شبرا من الأرض أرجفت ... من البهر حتى ما تزيد على شبر
  لها كفل يرتجّ منها إذا مشت ... ومتن كغصن البان مضطمر الخصر
  - غنّى في هذين البيتين ابن المكَّيّ خفيف رمل بالوسطى. وفيهما رمل ينسب إلى ابن سريج وإلى ابن طنبورة عن الهشاميّ - قالوا: ودخل أبوه وهو يخاطب الطبيب بهذه المخاطبة، فأنّبه ولامه وقال له: يا بنيّ! اللَّه اللَّه في نفسك! فإنك ميّت إن دمت على هذا! فقال:
  وفي عروة(١) العذريّ إن متّ أسوة ... وعمرو(٢) بن عجلان الذي قتلت هند
  وبي مثل ما ماتا به غير أنني ... إلى أجل لم يأتني وقته بعد
  صوت
  هل الحبّ إلَّا عبرة بعد زفرة ... وحرّ على الأحشاء ليس له برد
  وفيض دموع تستهلّ إذا بدا ... لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو
  غنّى في هذين البيتين زيد بن الخطَّاب مولى سليمان بن أبي جعفر، وقيل: إنه مولى سليمان بن عليّ، ثقيلا أوّل بالوسطى عن الهشّامي.
  إعجاب أبي السائب المخزومي بشعر له:
  وأخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير، وأخبرنا اليزيديّ عن ثعلب عن الزّبير قال حدّثني إسماعيل بن أبي أويس قال:
  جلست أنا وأبو السائب في النبّالين، فأنشدني قول قيس بن ذريح:
  /
  عيد قيس من حبّ لبنى ولبنى ... داء قيس والحبّ داء شديد
  ليت لبنى تعودني ثم أقضي ... إنها لا تعود فيمن يعود
(١) هو عروة بن حزام بن مهاصر أحد بني حزام بن ضبة بن عبد بن كبير بن عذرة، شاعر إسلامي، أحد المتيمين الذين قتلهم الهوى، لا يعرف له شعر إلَّا في عفراء بنت عمه. (انظر ترجمته في ج ٢٠ ص ١٥٢ من «الأغاني» طبع بولاق).
(٢) ورد هذا الاسم في تزيين الأسواق كما جاء في الأصول. وذكره البحتري أيضا فقال:
هوى لا جميل في بثينة ناله ... بمثل ولا عمرو بن عجلان في هند
وذكر أبو الفرج ترجمته (في ج ١٩ ص ١٠٢ من «الأغاني» طبع بولاق) فقال: هو عبد اللَّه بن العجلان بن عبد الأحب، شاعر جاهلي أحد المتيمين من الشعراء ومن قتله الحب منهم. وكان له زوجة يقال لها هند فطلقها ثم ندم عليها. ولما زوجت زوجا غيره مات أسفا.