كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

غناء المنتصر

صفحة 207 - الجزء 9

  /

  وإن يك كادني ظلما عدوّ ... فعند البحث ينكشف الغطاء

  ألم تر أنّ بالآفاق منّا ... جماجم حشو أقبرها الوفاء

  وقد وصف الزمان لنا زياد⁣(⁣١) ... وقال مقالة فيها شفاء

  ألا يا ربّ مغموم سيحظى ... بدولتنا ومسرور يساء

  أمنتصر الخلائف جدت فينا ... كما جادت على الأرض السماء

  وسعت الناس عدلا فاستقاموا ... بأحكام عليهنّ الضياء

  وليس يفوتنا ما عشت خير ... كفانا أن يطول لك البقاء

  قال: فقال له المنتصر: واللَّه إنك لمن ذوي ثقتي وموضع اختياري، ولك عندي الزّلفى، فطب نفسا. قال ووصلني بثلاثة آلاف دينار.

  شعر الحسين بن الضحاك فيه:

  حدّثني الصّولي قال حدّثني عون بن محمد الكنديّ قال:

  لمّا ولي المنتصر الخلافة دخل عليه الحسين بن الضحّاك فهنّأه بالخلافة وأنشده:

  تجدّدت الدنيا بملك محمد ... فأهلا وسهلا بالزمان المجدّد

  هي الدولة الغرّاء راحت وبكَّرت ... مشهّرة⁣(⁣٢) بالرّشد في كل مشهد

  لعمري لقد شدّت عرا الدّين بيعة ... أعزّ بها الرحمن كلّ موحّد

  هنتك أمير المؤمنين خلافة ... جمعت بها أهواء أمّة أحمد

  قال: فأظهر إكرامه والسرور به، وقال له: إن في بقائك بهاء للملك، وقد ضعفت عن الحركة، فكاتبني بحاجاتك ولا تحمل على نفسك بكثرة الحركة. ووصله بثلاثة آلاف دينار ليقضي بها دينا بلغه أنه عليه.

  / قال: وقال الحسين بن الضحّاك فيه وقد ركب الظهور وراءه الناس، وهو آخر شعر قاله:

  ألا ليت شعري أبدر بدا ... نهارا أم الملك المنتصر

  إمام تضمّن أثوابه ... على سرجه قمرا من بشر

  حمى اللَّه دولة سلطانه ... بجند القضاء وجند القدر

  فلا زال ما بقيت مدّة ... يروح بها الدهر أو يبتكر

  / قال: وغنّى فيه بنان وعريب.


(١) يريد زياد ابن أبيه وهو معروف.

(٢) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «مشمرة».