ذكر أخبار الفرزدق في هذا الشعر خاصة دون غيره
  فقال: يا أوفى، هلكت واللَّه حدراء!. قال: ما لك بذلك من علم!. فلمّا بلغ قال له بعض قومها: هذا البيت فانزل، وأمّا حدراء فهلكت. وقد عرفنا الذي يصيبكم في دينكم من ميراثها وهو النصف فهو لك عندنا. فقال: لا واللَّه لا أرزأ منه قطميرا، وهذه صدقتها(١) فاقبضوها. فقال: يا بني دارم! واللَّه ما صاهرنا أكرم منكم. قال: وفي هذه القصة يقول الفرزدق:
  عجبت لحادينا المقحّم سيره ... بنا موجفات من كلال وظلَّعا
  ليدنينا ممن إلينا لقاؤه ... حبيب ومن دار أردنا لتجمعا
  ولو يعلم الغيب الذي من أمامنا ... لكرّ بنا حادي المطيّ فأسرعا
  يقولون زر حدراء والتّرب دونها ... وكيف بشيء وصله قد تقطَّعا
  ومامات عند ابن المراغة مثلها ... ولا تبعته ظاعنا حيث ودّعا
  يقول ابن خنزير بكيت ولم تكن ... على امرأة عينا أخيك لتدمعا
  وأهون رزء لامرئ غير جازع ... رزيّة مرتجّ الرّوادف أفرعا
  استعان الحجاج في مهر حدراء فعذله فشفع له عنبسة بن سعيد:
  وقال ابن سلَّام فيما أخبرنا به أبو خليفة عنه قال حدّثني حاجب بن زيد وأبو الغرّاف قالا:
  تزوّج الفرزدق حدراء بنت زيق بن بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن ذي الجدّين وهو عبد اللَّه بن عمرو بن الحارث بن همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان على حكم أبيها، فاحتكم مائة من الإبل. فدخل على الحجّاج / فعذله فقال: أتزوّجتها على حكمها وحكم أبيها مائة بعير وهي نصرانية وجئتنا متعرّضا أن نسوقها عنك! اخرج ما لك عندنا شيء!. فقال عنبسة بن سعيد بن العاصي وأراد نفعه: أيها الأمير، إنها من حواشي إبل الصدقة؛ فأمر له بها. فوثب عليه جرير فقال:
  يا زيق قد كنت من شيبان في حسب ... يا زيق ويحك من أنكحت يا زيق
  أنكحت ويحك قينا باسته حمم ... يا زيق ويحك هل بارت بك السّوق
  ثم ذكر باقي القصيدة بمثل رواية دماذ.
  أراد أن تحمل حدراء فاعتلوا بموتها وشعر لجرير في ذلك:
  قال ابن سلَّام: وأراد الفرزدق أن تحمل؛ فاعتلَّوا عليه وقالوا: ماتت، كراهة أن يهتك جرير أعراضهم. فقال جرير:
  /
  وأقسم ما ماتت ولكنّه التوى ... بحدراء قوم لم يروك لها أهلا
  رأوا أن صهر القين عار عليهم ... وأن لبسطام على غالب فضلا
  إذا هي حلَّت مسحلان(٢) وحاربت ... بشيبان لاقى القوم من دونها شغلا
(١) الصدقة: المهر.
(٢) مسحلان: موضع في بلاد بني يربوع.