أخبار دريد بن الصمة ونسبه
  فجزع الحليف(١) إلى واسط ... فذلك مبدي وذا محضر
  فأبلغ سليمى وألفافها(٢) ... وقد يعطف النّسب الأكبر
  بأنّي ثأرت بإخوانكم ... وكنت كأنّي بهم مخفر(٣)
  صبحنا فزارة سمر القنا ... فمهلا فزارة لا تضجروا
  وأبلغ لديك بني مازن ... فكيف الوعيد ولم تقرروا
  فإن تقتلوا فتية أفردوا ... أصابهم الحين أو تظفروا
  فإنّ حزاما لدى معرك ... وأخوته حولهم أنسر
  ويوم يزيد بني ناشب ... وقبل يزيدكم الأكبر
  أثرنا صريخ بني ناشب ... ورهط لقيط فلا تفخروا
  تجرّ الضّباع(٤) بأوصالهم ... ويلقحن منهم ولم يقبروا
  / ويقول في ذلك أيضا دريد بن الصّمّة في قصيدة له أخرى:
  جزينا بني عبس جزاء موفّرا ... بمقتل عبد اللَّه يوم الذّنائب(٥)
  ولولا سواد الليل أدرك ركضنا ... بذي الرّمث والأرطى(٦) عياض بن ناشب
  قتلنا بعبد اللَّه خير لداته ... ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب
  قال أبو عبيدة: أنشد عبد الملك بن مروان شعر دريد بن الصّمّة هذا فقال: كاد دريد أن ينسب ذؤاب بن أسماء إلى آدم. فلما بلغ المنشد قوله:
  ولولا سواد الليل أدرك ركضنا ... بذي الرّمث والأرطى عياض بن ناشب
  / قال عبد الملك: ليت الشمس كانت بقيت له قليلا حتى يدركه.
  قال أبو عبيدة وقال دريد أيضا في هذه الوقعة:
  قتلنا بعبد اللَّه خير لداته ... وخير شباب الناس لو ضمّ أجمعا
  ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب ... منيّته أجرى(٧) إليها وأوضعا
  فتى مثل متن السيف يهتزّ للنّدى ... كعالية الرّمح الرّدينيّ أروعا
(١) الجزع: منعطف الوادي. والحليف وواسط: موضعان.
(٢) ألفافها: قومها المجتمعون حولها، مفرده لف بالكسر.
(٣) أخفره: نقض عهده وغدره. والهمزة فيه للإزالة أي أزال خفارته كأشكاه إذا أزال شكواه.
(٤) يشير إلى ما هو معروف عن الضبع من أنها إذا لقيت قتيلا بالعراء وورم وانتفخ غرموله تأتيه فتركبه وتقضي حاجتها منه ثم تأكله (راجع «نهاية الأرب» ج ٩ ص ٢٧٤ طبع دار الكتب المصرية و «الحيوان» للجاحظ طبع مصر ج ٥ ص ٤٠).
(٥) الذنائب يوم من أيام العرب المشهورة (راجع «الأغاني» ج ٥ ص ٣٥ - ٦٣ طبع دار الكتب المصرية).
(٦) ذو الرمث: موضع. والرمث والأرطى نبتان.
(٧) أجرى إليها: قصد إليها.