أخبار إبراهيم بن العباس ونسبه
  أصبحت بين خصاصة ومذلَّة ... والحرّ بينهما يموت هزيلا
  فامدد إليّ يدا تعوّد بطنها ... بذل النّدى وظهورها التّقبيلا
  قال ثعلب إنه كان أشعر المحدثين:
  أخبرني الصّوليّ قال سمعت أحمد بن يحيى ثعلبا يقول:
  كان إبراهيم بن العبّاس أشعر / المحدثين. قال: وما روى ثعلب شعر كاتب قطَّ قال: وكان يستحسن كثيرا قوله:
  لنا إبل كوم(١) يضيق بها الفضا ... ويفترّ عنها أرضها وسماؤها
  فمن دونها أن تستباح دماؤنا ... ومن دوننا أن تستباح دماؤها
  حمى وقرى فالموت دون مرامها ... وأيسر خطب يوم حقّ فناؤها
  ثم قال: واللَّه لو كان هذا لبعض الأوائل لاستجيد له.
  مدح الحسن بن سهل:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد قال سمعت الحسن بن رجاء يقول:
  كنّا بفم(٢) الصّلح أيام بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل؛ فقدم إبراهيم بن العبّاس علينا ودخل إلى الحسن بن سهل فأنشده:
  ليهنئك أصهار أذّلَّت بعزّها ... خدودا وجدّعت الأنوف الرّواغما
  جمعت بها الشملين من آل هاشم ... وحزت بها للأكرمين الأكارما
  بنوك غدوا آل النبيّ ووارثو ال ... خلافة والحاوون كسرى وهاشما
  فقال له الحسن: «شنشنة أعرفها(٣) من أخرم» أي إنّك لم تزل تمدحنا، ثم قال له: أحسن اللَّه عنّا جزاءك يا أبا إسحاق؛ فما الكثير من فعلنا بك بجزاء لليسير من حقّك.
  قال شعرا في قينة اسمها «سامر» كان يهواها فغضبت عليه:
  أخبرني عمّي قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال:
  أنشدني إبراهيم بن العبّاس لنفسه في قينة اسمها سامر كان يهواها فغضبت عليه:
  وعلَّمتني كيف الهوى وجهلته ... وعلَّمكم صبري على ظلمكم ظلمي
  وأعلم ما لي عندكم فيردّني ... هواي إلى جهل فأقصر عن علمي
(١) الكوم: الإبل الضخمة العظيمة السنام، الواحد أكوم والأنثى كوماء.
(٢) فم الصلح: نهر كبير فوق واسط عليه عدة قرى وفيه كانت دار الحسن بن سهل. («معجم البلدان» لياقوت).
(٣) هذا مثل، قاله أبو أخزم الطائي وكان له ابن يقال له أخزم؛ قيل: كان عاقا فمات وترك بنين، فوثبوا يوما على جدهم فأدموه، فقال:
إن بني ضرّجوني بالدم ... شنشنة أعرفها من أخزم
من يلق آساد الرجال يكلم