كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه

صفحة 305 - الجزء 10

  مدح معنا فسأله عن أمله فأعطاه إياه واستقله له:

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثني أبو حاتم السّجستانيّ قال حدّثني العنسيّ قال:

  لمّا قدم معن بن زائدة من اليمن، دخل عليه مروان بن أبي حفصة والمجلس غاصّ بأهله، فأخذ بعضادتي⁣(⁣١) الباب وأنشأ يقول:

  وما أحجم الأعداء عنك بقيّة⁣(⁣٢) ... عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا

  له راحتان الجود والحتف فيهما ... أبى اللَّه إلا أن تضرّا وتنفعا

  قال فقال له معن: احتكم، قال: عشرة آلاف درهم. فقال معن: ربحنا عليك تسعين ألفا. قال: أقلني.

  قال: لا أقال اللَّه من يقيلك.

  رمى محرز معنا بالظلم فرد عليه بما أخجله:

  أخبرني عمّي قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني أبي قال:

  لما قدم معن بن زائدة من اليمن استقبله الناس، وتلقّاه مروان بن أبي حفصة، فأنشده قصيدة يهنّئه فيها بقدومه وبرأي المنصور فيه، وتلقّاه فيمن تلقّاه أبو القاسم⁣(⁣٣) محرز فجعل يقول له: سفكت الدماء، وظلمت الناس، وتعدّيت طورك بذلك. فلما أكثر على معن التفت إليه ثم قال له: يا محرز أخبرني بأي خفّيك تضرب اليوم: أبا السّباعيّ أم بالثّمانيّ؟ قال: فانقطع وسكت خجلا.

  ودخل معن على المنصور، فلما سلَّم عليه وسأله قال له: يا معن، أعطيت ابن حفصة مائة ألف درهم عن قوله فيك:

  معن بن زائدة الذي زيدت به ... شرفا إلى شرف بنو شيبان

  فقال له: كلَّا يا أمير المؤمنين بل أعطيته لقوله:

  ما زلت يوم الهاشميّة معلما ... بالسيف دون خليفة الرحمن

  فاستحيا المنصور من تهجينه إيّاه فتبسّم وقال: أحسنت يا معن في فعلك.

  ترك يحيى بن منصور الشعر فلما سمع بكرم معن مدحه وقال مروان في ذلك شعرا:

  أخبرني الحسن بن عليّ المصريّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني عليّ بن ثور قال حدّثني أبو العبّاس العدويّ قال:

  لمّا ولي معن بن زائدة اليمن كان يحيى بن منصور الذّهليّ قد تنسّك وترك الشعر. فلما بلغته أفعال معن وفد إليه ومدحه، فقال مروان بن أبي حفصة:


(١) عضادتا الباب. خشبتاه من جانبيه.

(٢) البقية: الإبقاء.

(٣) هو أبو القاسم محرز بن إبراهيم أحد قواد أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية. انظر الكلام عليه في الطبري (ق ٣ ص ١٩٥٥ - ١٩٥٧).