أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه
  مدح معنا فسأله عن أمله فأعطاه إياه واستقله له:
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثني أبو حاتم السّجستانيّ قال حدّثني العنسيّ قال:
  لمّا قدم معن بن زائدة من اليمن، دخل عليه مروان بن أبي حفصة والمجلس غاصّ بأهله، فأخذ بعضادتي(١) الباب وأنشأ يقول:
  وما أحجم الأعداء عنك بقيّة(٢) ... عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا
  له راحتان الجود والحتف فيهما ... أبى اللَّه إلا أن تضرّا وتنفعا
  قال فقال له معن: احتكم، قال: عشرة آلاف درهم. فقال معن: ربحنا عليك تسعين ألفا. قال: أقلني.
  قال: لا أقال اللَّه من يقيلك.
  رمى محرز معنا بالظلم فرد عليه بما أخجله:
  أخبرني عمّي قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني أبي قال:
  لما قدم معن بن زائدة من اليمن استقبله الناس، وتلقّاه مروان بن أبي حفصة، فأنشده قصيدة يهنّئه فيها بقدومه وبرأي المنصور فيه، وتلقّاه فيمن تلقّاه أبو القاسم(٣) محرز فجعل يقول له: سفكت الدماء، وظلمت الناس، وتعدّيت طورك بذلك. فلما أكثر على معن التفت إليه ثم قال له: يا محرز أخبرني بأي خفّيك تضرب اليوم: أبا السّباعيّ أم بالثّمانيّ؟ قال: فانقطع وسكت خجلا.
  ودخل معن على المنصور، فلما سلَّم عليه وسأله قال له: يا معن، أعطيت ابن حفصة مائة ألف درهم عن قوله فيك:
  معن بن زائدة الذي زيدت به ... شرفا إلى شرف بنو شيبان
  فقال له: كلَّا يا أمير المؤمنين بل أعطيته لقوله:
  ما زلت يوم الهاشميّة معلما ... بالسيف دون خليفة الرحمن
  فاستحيا المنصور من تهجينه إيّاه فتبسّم وقال: أحسنت يا معن في فعلك.
  ترك يحيى بن منصور الشعر فلما سمع بكرم معن مدحه وقال مروان في ذلك شعرا:
  أخبرني الحسن بن عليّ المصريّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني عليّ بن ثور قال حدّثني أبو العبّاس العدويّ قال:
  لمّا ولي معن بن زائدة اليمن كان يحيى بن منصور الذّهليّ قد تنسّك وترك الشعر. فلما بلغته أفعال معن وفد إليه ومدحه، فقال مروان بن أبي حفصة:
(١) عضادتا الباب. خشبتاه من جانبيه.
(٢) البقية: الإبقاء.
(٣) هو أبو القاسم محرز بن إبراهيم أحد قواد أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية. انظر الكلام عليه في الطبري (ق ٣ ص ١٩٥٥ - ١٩٥٧).