أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه
  أحيا أمير المؤمنين محمد ... سنن النبيّ حرامها وحلالها
  قال فقال لي المهديّ: واللَّه ما أعطيك إلا من صلب مالي فاعذرني، وأمر لي بثلاثين ألف درهم، وكساني جبّة ومطرفا، وفرض لي على أهل بيته ومواليه ثلاثين ألفا أخرى.
  مدح مغنا فأعطاه عطايا سنية لم يستكثرها عليه ابن الأعرابي:
  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز قال حدّثنا ابن الأعرابيّ أن مروان بن أبي حفصة أخبره أنه وفد على معن بن زائدة فأنشده قوله:
  /
  بنو مطر يوم اللَّقاء كأنّهم ... أسود لها في بطن خفّان(١) أشبل
  هم يمنعون الجار حتّى كأنما ... لجارهم بين السّماكين منزل
  لهاميم(٢)، في الإسلام سادوا ولم يكن ... كأوّلهم في الجاهليّة أوّل
  هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
  ولا يستطيع الفاعلون فعالهم ... وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا
  قال: فأمر لي بصلة سنيّة وخلع عليّ وحملني وزوّدني. قال ثم قال لنا ابن الأعرابيّ: لو أعطاه كلّ ما يملك لما وفاه حقّه. قال: وكان ابن الأعرابيّ يختم به الشعراء، وما دوّن لأحد بعده / شعرا.
  سئل عن جرير والفرزدق أيهما أشعر فأجاب بشعر:
  أخبرني حبيب بن نصر قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد قال أخبرني أحمد بن موسى بن حمزة قال:
  رأيت مروان بن أبي حفصة في أيام محمد بن زبيدة في دار الخلافة وهو شيخ كبير، فسألته عن جرير والفرزدق أيّهما أشعر، فقال لي: قد سئلت عنهما في أيام المهديّ وعن الأخطل قبل ذلك، فقلت فيهم قولا عقدته في شعر ليثبت. فسألته عنه فأنشدني:
  ذهب الفرزدق بالهجاء وإنّما ... حلو القريض ومرّه لجرير
  ولقد هجا فأمضّ أخطل تغلب ... وحوى النّهى ببيانه المشهور
  كلّ الثلاثة قد أجاد فمدحه ... وهجاؤه قد سار كلّ مسير
  ولقد جريت ففتّ غير مهلَّل(٣) ... بجراء لا قرف(٤) ولا مبهور
  إني لآنف أن أحبّر مدحة ... أبدا لغير خليفة ووزير
  ما ضرّني حسد اللئام ولم يزل ... ذو الفضل يحسده ذوو التقصير
  قال: فلم ير أن يقدّم على نفسه غيرها. وكتبت الأبيات عن فيه.
(١) خفان كحسان: موضع كثير الغياض قرب الكوفة وهو مأسدة.
(٢) اللهاميم: جمع لهميم وهو السابق الجواد.
(٣) هلل الرجل: جبن وفرّ.
(٤) القرف: الشديد الحمرة ولعله يعني به الهجين.