أخبار أبي النجم ونسبه
  أتت مولاة لبني قيس بن ثعلبة أبا النّجم فذكرت له أنّ بنتا لها أدركت منذ سنتين، وهي من أجمل النساء وأمدّهنّ قامة ولم يخطبها أحد، فلو ذكرتها في الشعر! فقال: أفعل، فما اسمها؟ قالت: نفيسة. فقال:
  نفيس يا قتّالة الأقوام ... أقصدت قلبي منك بالسّهام
  وما يصيب القلب إلَّا رام ... لو يعلم العلم أبو هشام
  ساق إليها حاصل الشام ... وجزية الأهواز كلّ عام
  وما سقى النّيل من الطعام ... إذ ضاق منها موضع الإدغام(١)
  / أجثم جاث مستدير حام ... يعضّ في كين(٢) له تؤام ... عضّ النجاريّ(٣) على اللَّجام
  فقالت: حسبك حسبك! ووفد إلى الشأم، فلما رجع سمع الزّمر والجلبة، فقال: ما هذا؟ فقالوا: نفيسة تزوّجت.
  وصف فهود عبد الملك بن بشر بن مروان:
  قال أبو عمرو وذكر عليّ بن المسور بن عمرو عن الأصمعيّ قال أخبرني بعض الرّواة وحدّثني ابن أخت أبي النّجم:
  أنّ عبد الملك بن بشر بن مروان قال لأبي النّجم: صف لي فهودي هذه. فقال:
  إنا نزلنا خير منزلات ... بين الحميرات المباركات
  في لحم وحش وحباريات(٤) ... وإن أردنا الصيد ذا اللَّذّات
  جاء مطيعا لمطاوعات ... علَّمن أو قد كنّ عالمات
  فسكَّن الطَّرف بمطرفات ... تريك آماقا مخطَّطات
  مدح الحجاج برجز وطلب إليه واديا في بلاده:
  ونسخت من كتاب الخرّاز عن المدائنيّ عن عثمان بن حفص أنّ أبا النّجم مدح الحجّاج برجز يقول فيه:
  ويل امّ دور عزّة ومجد ... دور ثقيف بسواء نجد
  أهل الحصون والخيول الجرد
  فأعجب الحجّاج رجزه وقال: ما حاجتك؟ قال تقطعني ذا الجبنين. فوجم لها وسكت، ثم دعا كاتبه فقال: انظر ذا الجبنين ما هو! فإن ذا الأعرابيّ سألنيه لعلَّه نهر من أنهار العراق. فسألوا عنه فقيل: واد في بلاد بني عجل أعلاه حشفة(٥) وأسفله سبخة يخاصمه فيه بنو عمّ له. فقال: اكتبوا له به. قال: فأهله به إلى اليوم.
(١) الكناية في «موضع الإدغام» ظاهرة يفسرها البيت التالي.
(٢) الكين: لحم باطن الفرج.
(٣) لم نعثر على هذه النسبة في مظانها. ولعله يريد به فرسا كريم النجار.
(٤) حباريات: مفردها حباري وهو طائر يضرب به المثل في البلاهة والحمق.
(٥) الحشفة: صخرة رخوة في سهل من الأرض. والسبخة: أرض ذات نز وملح.