أخبار علية بنت المهدي ونسبها ونتف من أحاديثها
٦ - أخبار عليّة بنت المهديّ ونسبها ونتف من أحاديثها
  أمها مكنونة أم ولد اشتريت للمهدي في حياة أبيه:
  عليّة بنت المهديّ أمّها أمّ ولد مغنّية يقال لها مكنونة، كانت من جواري المروانيّة المغنيّة.
  نسخت من كتاب محمد بن هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات أن ابن القدّاح(١) حدّثه قال:
  كانت مكنونة جارية المروانيّة - وليست من آل مروان بن الحكم، هي زوجة الحسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عبّاس - مغنّية، وكانت أحسن جارية بالمدينة وجها، وكانت رسحاء(٢)، وكان بعض من يمازحها يعبث بها فيصيح: طست طست(٣). وكانت حسنة الصدر والبطن، فكانت توضح بهما وتقول: ولكن(٤) هذا!.
  فاشتريت للمهديّ في حياة أبيه بمائة ألف درهم، فغلبت عليه، حتى كانت الخيزران تقول: ما ملك امرأة أغلظ عليّ منها. واستتر أمرها عن المنصور حتى مات، فولدت له عليّة بنت المهديّ.
  بعض صفاتها:
  أخبرني عمّي قال حدّثني عليّ بن محمد النّوفليّ عن عمّه قال:
  كانت عليّة بنت المهديّ من أحسن الناس وأظرفهم تقول الشّعر الجيّد وتصوغ فيه الألحان الحسنة، وكان بها عيب، كان في جبينها فضل سعة حتى تسمج(٥)، فاتّخذت العصائب المكلَّلة بالجوهر لتستر بها جبينها، فأحدثت واللَّه شيئا ما رأيت فيما ابتدعته النساء وأحدثته أحسن منه.
  كانت حسنة الدين ولا تشرب ولا تغني إلا أيام حيضها:
  أخبرني الحسين بن يحيى ووكيع قالا حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال سمعت إبراهيم بن إسماعيل الكاتب يقول:
  كانت عليّة حسنة الدّين، وكانت لا تغنّي ولا تشرب النّبيذ إلَّا إذا كانت معتزلة الصلاة، فإذا طهرت أقبلت على الصلاة والقرآن وقراءة الكتب، فلا تلذّ بشيء غير قول الشعر في الأحيان، إلَّا أن يدعوها الخليفة إلى شيء فلا تقدر على خلافه. وكانت تقول: ما حرّم اللَّه شيئا إلَّا وقد جعل فيما حلَّل منه عوضا، فبأيّ شيء يحتجّ عاصيه والمنتهك لحرماته!. وكانت تقول: لا غفر اللَّه لي فاحشة ارتكبتها قطَّ، ولا أقول في شعري إلا عبثا.
(١) في أ، م: «أبا القداح».
(٢) الرسحاء: القليلة لحم العجز والفخذين.
(٣) لعل المراد تشبيهها في استواء عجزها مع ظهرها وفخذيها باستواء قعر الطست.
(٤) في ب، س: «ويكنّ هذا».
(٥) في أ، م: «تسفّح» (بتشديد الفاء). وفي ح: «تسبح». وعبارة «النجوم الزاهرة» (ج ٢ ص ١٩١ طبع دار الكتب المصرية): «وكان في جبهتها سعة تشين وجهها».