أخبار علية بنت المهدي ونسبها ونتف من أحاديثها
  لم يجتمع في الإسلام أخ وأخت أحسن غناء منها ومن أخيها:
  أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثني عون بن محمد الكنديّ قال سمعت عبد اللَّه بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع يقول:
  ما اجتمع في الإسلام قطَّ أخ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهديّ وأخته عليّة، وكانت تقدّم عليه.
  كانت تحب المكاتبة بالشعر وكاتبت طلا فمنعها الرشيد:
  أخبرني محمد قال حدّثنا عون بن محمد الكنديّ قال حدّثنا سعيد بن إبراهيم قال:
  كانت عليّة تحب أن تراسل بالأشعار من تختصّه، فاختصّت خادما يقال له «طلّ» من خدم الرشيد، فكانت تراسله بالشعر، فلم تره أيّاما، فمشت على ميزاب وحدّثته وقالت في ذلك:
  /
  قد كان ما كلَّفته زمنا ... يا طلّ من وجد بكم يكفي
  حتى أتيتك زائرا عجلا ... أمشي على حتف إلى حتف
  فحلف عليها الرشيد ألَّا تكلَّم طلَّا ولا تسمّيه باسمه، فضمنت له ذلك. واستمع عليها يوما وهي تدرس(١) آخر سورة البقرة حتى بلغت إلى قوله ø: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْها / وابِلٌ فَطَلٌّ} وأرادت أن تقول: «فطلّ» فقالت: فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين. فدخل فقبّل رأسها وقال: قد وهبت لك طلَّا، ولا أمنعك بعد هذا من شيء تريدينه. ولها في طلّ هذا عدّة أشعار فيها لها صنعة. منها:
  صوت
  يا ربّ إني قد غرضت(٢) بهجرها ... فإليك أشكو ذاك يا ربّاه
  مولاة سوء تستهين بعبدها ... نعم الغلام وبئست المولاه
  «طلّ» ولكنّي حرمت نعيمه ... ووصاله إن لم يغثني اللَّه
  يا ربّ إن كانت حياتي هكذا ... ضرّا عليّ فما أريد حياه
  الشعر والغناء لها خفيف ثقيل مطلق في مجرى الوسطى. وقد ذكر ابن خرداذبه أن الشعر والغناء لنبيه الكوفيّ، وأنه هوي جارية تغنّي، فتعلَّم الغناء من أجلها وقال الشعر، ولم يزل يتوصّل إليها بذلك حتى صار مقدّما في المغنّين، وأنّ هذا الشعر له فيها والصنعة أيضا.
  حجب عنها طل فقالت فيه شعرا وصحفت اسمه:
  أخبرني أحمد بن محمد أبو الحسن الأسديّ قال حدّثني محمد بن صالح بن شيخ بن عمير عن أبيه قال:
  حجب طلّ عن عليّة فقالت وصحّفت اسمه في أوّل بيت:
  أيا سروة(٣) البستان طال تشوّقي ... فهل لي إلى ظلّ لديك سبيل
(١) كذا في أكثر النسخ. وفي أ، م: «تريد» وهي محرفة عن «تذبر» بالذال بمعنى تقرأ.
(٢) غرضت بهجرها أي ضجرت. وفي الأصول: «عرضت» بالعين المهملة وهو تصحيف.
(٣) السرو: شجر حسن الهيئة قويم الساق، وقد فسر به صاحب «القاموس» العرعر.