وممن عرفت له صنعة من أولاد الخلفاء: عبد الله بن موسى الهادي
  قال شعرا في خادم لصالح بن الرشيد:
  أخبرني الصّوليّ قال حدّثني عون بن محمد الكنديّ قال حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبيه سليمان بن داود - وكان يكتب لأبي جعفر - قال:
  كنت جالسا مع عبد اللَّه بن موسى الهادي، فمرّ به خادم لصالح بن الرّشيد. فقال له: ما اسمك؟ فقال له:
  اسمي «لا تسل». فأعجبه حسنه وحسن منطقه فقال لي: قم بنا حتى نسرّ اليوم بذكر هذا البدر، فقمت معه.
  فأنشدني في ذلك اليوم:
  وشادن مرّبنا ... يجرح باللَّحظ المقل
  مظلوم خصر ظالم ... منه إذا يمشي الكفل
  اعتدلت قامته ... واللحظ منه ما عدل
  بدر تراه أبدا ... طالع سعد ما أفل
  سألته عن اسمه ... فقال لي اسمي «لا تسل»
  وأطلعت في وجنتي ... هـ وردتان من خجل
  فقلت ما أخطأ من ... سمّاك بل قال المثل
  لا تسألن عن شادن ... فاق جمالا وكمل
  / قال: وقال فيه - وقد قيل إنه من هذه الأبيات -:
  عزّ الذي نهوى وذلّ ... صبّ الفؤاد مختبل
  لجّ به الهجر وذا ال ... هجر إذا لجّ قتل
  من شادن منتطق ... فاق جمالا وكمل
  تناصف الحسن به ... فلا تسل عن «لا تسل»
  كان له ابن جيد الضرب وطلب إلى المكي أن يقومه موهما أنه مملوك:
  وقال حدّثني محمد بن أحمد المكيّ عن أبيه قال:
  دعاني عبد اللَّه بن موسى يوما فقال لي: أتقوّم غلاما ضاربا مغنّيا قيمة عدل لا حيف فيه على البائع ولا على المشتري؟ فقلت نعم. فأخرج إليّ ابنه القاسم وكنت قد عرفته، وهو أحسن من القمر ليلة البدر، فأخذ عودا فضرب، فأكببت على يديه أقبّلهما. فقال لي عبد اللَّه: أتقبّل يد غلام مملوك! قلت: بأبي وأمّي هو من مملوك! وقبّلت رجله أيضا. فقال: أمّا إذ عرفته فأحبّ أن تضاربه، ففعلت. فلمّا رأى الغلام زيادتي عليه في الضّرب اغتمّ وأقبل على أبيه فقال له كالمعتذر من ذنبه: أنا متلذّذ وهذا متكسّب. فضحكت وقلت: هو ذاك يا سيّدي.
  وعجبت من حدّة جوابه معتذرا على صغر سنّه.