أخبار علي بن الجهم ونسبه
  معاوية، فصاروا أحرارا، ولزمه الثمن، فشعّث(١) عليّ بن أبي طالب شيئا من داره، وقيل بل هدمها. فلم يدخل مصقلة الكوفة حتى قتل عليّ بن أبي طالب ¥.
  وزعم ابن الكلبيّ: أنّ سامة بن لؤيّ ولد غالب بن سامة وأمّه ناجية، ثم هلك سامة فخلف عليها ابنه الحارث بن سامة، ثم هلك ابنا سامة ولم يعقبا(٢)، وأنّ قوما من بني ناجية بنت(٣) جرم بن ربّان(٤) علاف ادّعوا أنهم بنو سامة بن لؤيّ، وأنّ أمّهم ناجية / هذه ونسبوها هذا النسب، وانتموا إلى الحارث بن سامة وهم الذين باعهم عليّ بن أبي طالب إلى مصقلة. قال: ودليل ذلك وأنّ هؤلاء بنو ناجية بنت جرم قول علقمة الخصيّ التّميميّ أحد بني ربيعة بن مالك:
  زعمتم أنّ ناجي بنت جرم ... عجوز بعد ما بلي السّنام
  فإن كانت كذاك فألبسوها ... فإنّ الحلى للأنثى تمام
  وهذا أيضا قول الهيثم بن عديّ. فأمّا الزّبير بن بكَّار فإنّه أدخلهم في قريش وقال: هم قريش العازبة. وإنما سمّوا العازبة لأنهم عزبوا عن قومهم فنسبوا إلى أمّهم ناجية بنت جرم بن ربّان وهو علاف، وهو أوّل من اتخذ الرّحال العلافيّة فنسبت إليه. واسم ناجية ليلى؛ وإنما سمّيت ناجية لأنها سارت في مفازة معه فعطشت فاستسقته ماء، فقال لها: الماء بين يديك، وهو يريها السّراب، حتى جاءت الماء فشربت وسمّيت ناجية. وللزّبير في إدخالهم في قريش مذهب وهو مخالفة فعل أمير المؤمنين عليّ ¥ وميله إليهم لإجماعهم على بغضه ¥، حسب المشهور المأثور من مذهب الزّبير في ذلك.
  كان شاعرا فصيحا اختص بالمتوكل وهجاء عليا وشيعته:
  وكان عليّ بن الجهم شاعرا فصيحا مطبوعا؛ وخصّ بالمتوكَّل حتى صار من جلسائه، ثم أبغضه لأنه كان كثير السّعاية إليه بندمائه والذّكر لهم بالقبيح عنده، وإذا خلا به عرّفه أنهم يعيبونه ويثلبونه ويتنقّصونه، فيكشف عن ذلك فلا يجد له حقيقة، فنفاه بعد أن حبسه مدّة. وأخباره تذكر على شرح بعد هذا. وكان ينحو نحو مروان بن أبي حفصة في هجاء آل أبي طالب وذمّهم والإغراء بهم وهجاء الشّيعة، وهو القائل:
  ورافضة تقول بشعب رضوى ... إمام، خاب ذلك من إمام
  إمام من له عشرون ألفا ... من الأتراك مشرعة السّهام
  / وفيه يقول البحتريّ:
  إذا ما حصّلت عليا قريش ... فلا في العير أنت ولا النّفير
(١) يريد أنه نقض بعضا منها.
(٢) في أ، م: «ثم هلك ابن سامة ولم يعقب».
(٣) في الأصول هنا: «ابن جرم».
(٤) ربان علاف: بالراء المهملة المفتوحة والباء الموحدة المشدّدة، وليس في العرب غيره، ومن سواه فبالزاي المعجمة. وقد ورد هذا الاسم في الأصول محرفا بصور شتى، وفي أكثرها زيادة «ابن» بين ربان وعلاف، وهما لشخص واحد، كما ذكر ذلك المؤلف في الصفحة التالية. (راجع «القاموس» و «شرحه» في مادتي ربن وعلف).