أخبار علي بن الجهم ونسبه
  / فلمّا نفى المتوكَّل أحمد بن أبي دواد شمت به عليّ بن الجهم وهجاه فقال:
  يا أحمد بن أبي دواد دعوة ... بعثت إليك جنادلا وحديدا
  ما هذه البدع التي سمّيتها ... بالجهل منك العدل والتوحيدا
  أفسدت أمر الدّين حين وليته ... ورميته بأبي الوليد(١) وليدا
  لا محكما جزلا(٢)، ولا مستطرفا(٣) ... كهلا، ولا مستحدثا معمودا(٤)
  شرها، إذا ذكر المكارم والعلا ... ذكر القلايا(٥) مبدئا ومعيدا
  ويودّ لو مسخت ربيعة كلَّها ... وبنو إياد صحفة وثريدا
  وإذا تربّع في المجالس خلته ... ضبعا وخلت بني أبيه قرودا
  وإذا تبسّم ضاحكا شبّهته ... شرقا تعجّل شربه مردودا
  لا أصبحت بالخير عين أبصرت ... تلك المناخر والثّنايا السّودا
  كتب من حبسه شعرا لطاهر بن عبد اللَّه بن طاهر بن الحسين:
  أخبرني عمّي قال حدّثنا محمد قال:
  كتب عليّ بن الجهم إلى طاهر من الحبس(٦):
  إن كان لي ذنب فلي حرمة ... والحقّ لا يدفعه الباطل
  وحرمتي أعظم من زلَّتي ... لو نالني من عدلكم نائل
  ولي حقوق غير مجهولة ... يعرفها العاقل والجاهل
  وكلّ إنسان له مذهب ... وأهل ما يفعله الفاعل
  وسيرة الأملاك منقولة ... لا جائر يخفى ولا عادل
  وقد تعجّلت الذي خفته ... منك ولم يأت الذي آمل
  شعره في مقين كان ينزل عنده في جماعة بالكرخ:
  حدّثني عمّي قال حدّثنا محمد قال:
  كان عليّ بن الجهم يعاشر جماعة من فتيان بغداد لما أطلق من حبسه وردّ من النفي، وكانوا يتقاينون(٧) ببغداد، ويلزمون منزل مقيّن بالكرخ يقال له المفضّل. فقال فيه عليّ بن الجهم:
(١) أبو الوليد هو محمد بن أحمد بن أبي دواد، كان يتولى المظالم بسامرا وعزله المتوكل سنة ٢٣٧ هـ.
(٢) الجزل هنا: الجيد الرأي أصيله.
(٣) لعلها «مستظرفا» بالظاء المعجمة أي معدودا ظريفا.
(٤) لعلها: «محمودا».
(٥) القلايا: المقليات، مفرده قلية.
(٦) بعد هذه الكلمة وقبل الشعر كلمة «صوت» في ح، ب، س: ولم يذكر فيه ألحانا حتى يكون لهذه الكلمة موقع.
(٧) ظاهر أن معناه: يجالسون القيان، وأن معنى مقين صاحب قيان.