أخبار علي بن الجهم ونسبه
  أنشد إبراهيم بن المدبر شعرا لنفسه فكذبه وقال إن الشعر لإبراهيم بن العباس:
  حدّثني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني إبراهيم بن المدبّر قال أنشدني عليّ بن الجهم لنفسه:
  وإذا جزى اللَّه امرأ بفعاله ... فجزى أخا لي ماجدا سمحا
  ناديته عن كربة فكأنّما ... أطلعت عن ليل به صبحا
  فقلت له: ويلك! هذا لإبراهيم بن العبّاس يقوله في محمد بن عبد الملك الزيّات! فجحدني وكابر. فدخل يوما عليّ بن الجهم إلى إبراهيم بن العبّاس وأنا عنده. فلمّا رآني قال: اجتمع الإبراهيمان. فتركته ساعة ثم أنشدت البيتين، وقلت لإبراهيم بن العباس: إنّ هذا يزعم أنّ هذين البيتين له. فقال: كذب، هذان لي في محمد / ابن عبد الملك الزيّات. فقال له عليّ بن الجهم بقحة: ألم أنهك أن تنتحل شعري! فغضب إبراهيم وجعل يقول له بيده: سوءة عليك سوءة لك! ما أوقحك! وهو لا ينكر(١) في ذلك ولا يخجل. ثم التقينا بعد مدّة فقال:
  أرأيت كيف أخزيت إبراهيم بن العباس! فجعلت أعجب من صلابة وجهه.
  شعر له في الفراق:
  حدّثني(٢) عمّي قال أنشدنا محمد بن سعد لعليّ بن الجهم وفيه غناء:
  اعلمي يا أحبّ شيء إليّا ... أنّ شوقي إليك قاض عليّا
  / إن قضى اللَّه لي رجوعا إليكم ... لا ذكرت الفراق ما دمت حيّا
  إنّ حرّ الفراق أنحل جسمي ... وكوى القلب منك بالشّوق كيّا
  كان محمد بن عبد الملك الزيات منحرفا عنه ويسبعه عند الخليفة فهجاه:
  حدّثني(٢) عمّي قال حدّثنا محمد بن سعد قال:
  كان محمد بن عبد الملك الزيّات منحرفا عن عليّ بن الجهم وكان يسبعه(٣) عند الخليفة ويعيبه ويذكره بكلّ قبيح. فقال فيه عليّ بن الجهم:
  لعائن اللَّه متابعات ... مصبّحات ومهجّرات
  على ابن عبد الملك الزيّات ... عرّض شمل الملك للشّتات
  وأنفذ الأحكام جائرات ... على كتاب اللَّه ذاريات(٤)
  وعن عقول الناس خارجات ... يرمي الدواوين بتوقيعات
(١) في ح، ب، س: «لا يفكر».
(٢) في ب، س، ح: «قال حدّثني إلخ» وكلمة «قال» هنا لا موقع لها.
(٣) سبعه (من باب ضرب ومنع) شتمه ووقع فيه. وهذه الكلمة محرفة في الأصول، ففي ب، س: «يسبه» وفي أ، م: «يبشعه» وفي ح: «يسيعه».
(٤) كذا في الأصول بالذال المعجمة. وذاريات من ذرت الريح التراب تذروه وتذريه: فرقته وأطارته. يريد أنها تعفى كتاب اللَّه.
ويحتمل أن يكون زاريات بالزاي أي عائبات.