أخبار النابغة ونسبه
  بالدّرّ
  والياقوت زيّن نحرها ... ومفضّل من لؤلؤ وزبرجد
  / عروضه من الكامل. وغنّاه أبو كامل من رواية حبش ثقيلا أول بالبنصر. وغنّاه الغريض من روايته ثاني ثقيل بالوسطى. وغنّاه ابن سريج من رواية إسحاق ثقيلا أوّل بالسبّابة في مجرى الوسطى.
  قوله: أمن آل ميّة: يخاطب نفسه كالمستثبت. وعجلان: من العجلة، نصبه على الحال. والزاد في هذا الموضع: ما كان من تسليم وردّ نحيّة. والبوارح: ما جاء من ميامنك إلى مياسرك فولَّاك مياسره. والسانح ما جاء من مياسرك فولَّاك ميامنه؛ حكى ذلك أبو عبيدة عن رؤبة وقد سأله يونس عنه. وأهل نجد يتشاءمون بالبوارح، وغيرهم من العرب تتشاءم بالسانح وتتيمّن بالبارح؛ ومنهم من لا يرى ذلك شيئا؛ قال بعضهم(١):
  ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم(٢)
  فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم
  وتنعاب الغراب: صياحه؛ يقال: نعب الغراب ينعب نعيبا ونعبانا، والتنعاب تفعال من هذا. وكان النابغة قال في هذا البيت: «وبذاك خبّرنا الغراب الأسود» ثم ورد يثرب فسمعه يغنّى فيه، فبان له الإقواء، فغيّره في مواضع من شعره.
  كان يقوى فلما ذهب إلى يثرب تبين له هذا العيب فأصلحه:
  وأخبرنا الحسين بن يحيى قال قال حماد بن إسحاق قرأت على أبي:
  قال أبو عبيدة: كان فحلان من الشعراء يقويان: النابغة وبشر بن أبي خازم. فأمّا النابغة فدخل يثرب فهابوه أن يقولوا له لحنت وأكفأت(٣)، فدعوا قينة وأمروها أن تغنّي في شعره ففعلت. فلمّا سمع الغناء و «غير مزوّد» و «الغراب الأسود» وبان له ذلك في اللحن فطن لموضع الخطأ فلم يعد. وأمّا بشر بن أبي خازم فقال له أخوه سوادة: إنّك تقوي. قال) وما ذاك؟ قال: قولك:
  وينسي مثل ما نسيت جذام(٤)
(١) هو مرقش السدومي، وقيل: إنه لخزز (بضم ففتح) بن لوزان. (عن «لسان العرب»).
(٢) الواقي (وزان القاضي) هنا: الصرد (بضم ففتح) وهو طائر فوق العصفور كانت العرب تتطير بصوته. والحاتم هنا: الغراب الأسود.
وقبل البيتين:
لا يمنعنك من بغا ... الخير تعقاد التمائم
وبعدهما:
وكذاك لا خير ولا ... شر على أحد بدائم
قد خط ذلك في ذلك في الزبو ... ر الأوّليات القدائم
«الزبور»: الكتب، واحدها زبر (بالكسر). (راجع «لسان العرب» مادتي وقى وحتم).
(٣) الإكفاء في الشعر عند العرب: الفساد في قوافيه باختلاف الحركات أو الحروف القريبة المحارج بأن يكون روي القافية ميما ثم يجييء الرويّ في بعض القصيدة نونا. والإكفاء عند أهل العروض: اختلاف إعراب القوافي.
(٤) في «الأصول»:
أمن الأحلام إذ صحبي نيام
والتصويب من «خزانة الأدب» (ج ٢ ص ٢٦٢)؛ فإن الشطر الأوّل في «الأصول» من الرمل، والثاني من الوافر. وتمام البيت الأوّل:
ألم تر أن طول الدهر يسلي ... وينسي مثل ما نسيب جذام