أخبار النابغة ونسبه
  ثم قلت بعده «إلى البلد الشآم». ففطن فلم يعد.
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبة قال حدّثنا خلَّاد الأرقط وغيره من علمائنا قالوا:
  كان النابغة يقول: إنّ في شعري لعاهة ما أقف عليها. فلمّا قدم المدينة غنّي في شعره؛ فلمّا سمع قوله:
  «واتّقتنا باليد» و «يكاد من اللَّطافة يعقد» تبيّن له لمّا مدّت «باليد» فصارت الكسرة ياء ومدّت «يعقد» فصارت الضمّة كالواو؛ ففطن فغيّره وجعله:
  غنم على أغصانه لم يعقد
  / وكان يقول: وردت يثرب وفي / شعري بعض العاهة، فصدرت عنها وأنا أشعر الناس. وقوله لا مرحبا: لا سعة؛ ونصبه ها هنا شبيه بالمصدر؛ كأنه قال لا رحب رحبا ولا أهل أهلا. وأزف: قرب.
  قال: وقال في قصيدته هذه يذكر ما نظر إليه من المتجرّدة وسترها وجهها بذراعها:
  صوت
  سقط النّصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتّقتنا باليد
  بمخضّب رخص كأنّ بنانه ... عنم على أغصانه لم يعقد
  ويفاحم رجل أثيث نبته ... كالكرم مال على الدّعام المسند
  نظرت إليك بحاجة لم تقضها ... نظر السّقيم إلى وجوه العوّد
  غنّاه ابن سريج، ولحنه من خفيف الثّقيل الأوّل بالوسطى عن عمرو. والنّصيف: الخمار، والجمع أنصفة ونصف.
  والعنم، فيما ذكر أبو عبيدة، يساريع(١) حمر تكون في البقل في الربيع. وقال الأصمعيّ: الغنم: شجر يحمرّ وينعم(٢) نبته. والفاحم: الشديد السواد. والرّجل: الذي ليس بجعد. والأثيث: المتكاثف؛ قال امرؤ القيس:
  أثيث(٣) كقنو النخلة المتعثكل
  ويقال: شعر رجل ورجل. ويروى:
  ورنت إليّ بمقلتي مكحولة
  / والمكحولة: البقرة. وقوله: لم تقضها: يعني المرأة أي لم تقدر على الكلام من مخافة أهلها، فهي كالسّقيم الذي ينظر إلى من يعوده.
  غنّاه ابن سريج خفيف ثقيل أوّل بالوسطى على مذهب إسحاق من رواية عمرو بن بانة.
= تمام البيت الثاني:
وكانوا قومنا فبغوا علينا ... فسقناهم إلى البلد الشآم
(١) اليساريع: جمع يسروع (بضم الياء وفتحها، ويقال فيها أسروع بضم الهمزة وفتحها) وهي دودة حمراء تكون في البقل، تشبه بها الأصابع.
(٢) نعم العود (من باب فرح): أخضرّ ونضر.
(٣) صدر البيت:
وفرع يغشى المتن أسود فاحم
والفرع: الشعر الطويل. والمتن: الظهر. والقنو: العذق (وهو من المخل كالعنقود من العنب). والمتعثكل: ذو العثاكيل (الشماريخ).