كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النابغة ونسبه

صفحة 28 - الجزء 11

  والشراب كما قال لي الحاجب. قال: ثم قال لي الحاجب: قد بلغني قدوم النابغة وهو صديقه وآنس به، وهو قبيح أن يجفوك بعد البرّ، فاستأذنه من الآن فهو أحسن. فاستأذنته فأذن لي وأمر لي بخمسمائة دينار وكسا وحملان⁣(⁣١)، فقبضتها وانصرفت إلى أهلي.

  صوت

  ملوك وإخوان إذا ما لقيتهم ... أحكَّم في أموالهم وأقرّب

  ولكنّني كنت امرأ لي جانب ... من الأرض فيه مستراد ومطلب

  الغناء لإبراهيم ثقيل أوّل. الجانب هنا: المتّسع من الأرض. والمستراد: المختلف يذهب فيه ويجيء، ويقال: راد الرجل لأهله إذا خرج رائدا لهم في طلب الكلا ونحوه. ثم ذكر مستراده فقال: «ملوك وإخوان».

  ومن القصيدة العينيّة:

  صوت

  عفا ذو حسا من قرتنا فالفوارع ... فجنبا أريك فالتّلاع الدوافع⁣(⁣٢)

  / فمجتمع الأشراج غيّر رسمها ... مصايف مرّت بعدنا ومرابع⁣(⁣٣)

  توهّمت آيات لها فعرفتها ... لستّة⁣(⁣٤) أعوام وذا العام سابع

  رماد ككحل العين ما إن أبينه⁣(⁣٥) ... ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع

  غنّاه معبد من رواية حبش رملا بالبنصر.

  صوت

  آذنتنا ببينها أسماء ... ربّ ثاو يملّ منه الثّواء

  بعد عهد لها ببرقة شمّا ... ء فأدنى ديارها الخلصاء

  عروضه من الخفيف. آذنتنا: أعلمتنا. والبين: الفرقة. والثاوي: المقيم، يقال ثوى ثواء. والبرقة: أرض ذات رمل وطين. وشمّاء والخلصاء: موضعان. الشعر للحارث بن حلَّزة اليشكريّ. والغناء لمعبد، ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو، ومن الناس من ينسبه إلى حنين.


(١) الحملان (بالضم): دواب الحمل في الهبة خاصة.

(٢) عفا: درس وامجى، يقال: عفت الدار، وعفت الريح الدار، فهو لازم ومتعدّ. وذو حسا وأريك: موضعان. وفرتنا: اسم امرأة.

والفوارع: تلال مشرفات المسايل. وفي «الأصول»: «فالقوارع» والتصويب من نسخ «الديوان». والتلاع: جمع تلعة، وهي هنا:

مجرى الماء من أعلى الوادي إلى بطون الأرض. والدوافع: التي تدفع بالماء إلى الوادي.

(٣) الأشراج: جمع شرج (بالفتح ويجمع جمع كثرة على شراج وشروج) وهو مجرى الماء من الحرار إلى السهولة. والمصايف: جمع مصيف من الصيف، ومثله المرابع من الربيع. أي غير رسمها ما يحدث في المصايف والمرابع من رياح وأمطار، أو غيره تعاقبهما عليها وطول اختلافهما.

(٤) اللام هنا بمعن «بعد» أي بعد ستة أعوام.

(٥) في بعض نسخ «الديوان»: لأيا أبيته «أي أبيته بعد جهد ومشقة. والنؤي: حفير حول الخيمة ليحجز عنها الماء. وجذم كل شيء:

أصله. ذكر الشاعر في هذا البيت بعض الآيات التي توهمها فعرف بها الدار، وهي رماد ككحل العين في سواده، وقلته، ونؤي متثلم متكسر قد ذهب شخصه ولم يبق منه إلَّا ما يبقى من الحوض إذا تهدّم.