يوم شعب جبله
  ما فعله كرب بن صفوان لتميم وأسد:
  وأقبلت تميم وأسد وذبيان ولفهم نحو جبلة، فلقوا كرب بن صفوان بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة، فقالوا له: أين تذهب؟ أتريد أن تنذر بنا بني عامر؟ قال لا. قالوا: فأعطنا عهدا وموثقا ألَّا تفعل؛ فأعطاهم فخلَّوا سبيله. فمضى مسرغا على فرس له عري(١)، حتى إذا نظر إلى مجلس بني عامر / وفيهم الأحوص نزل تحت شجرة حيث يرونه؛ فأرسلوا إليه يدعونه، قال: لست فاعلا، ولكن إذا رحلت فأتوا منزلي فإنّ الخبر فيه.
  فلما(٢) جاؤوا منزله إذا فيه تراب في صرّة وشوك قد كسر رؤوسه وفرّق جهته، وإذا حنظلة موضوعة، وإذا وطب معلَّق فيه لبن. فقال الأحوص: هذا رجل قد أخذ عليه المواثيق ألَّا يتكلَّم، وهو يخبركم أنّ القوم مثل التّراب كثرة، وأنّ شوكتهم كليلة [وهم متفرّقون(٣)]، وجاءتكم بنو حنظلة. أنظروا ما في الوطب، فاصطبّوه فإذا فيه لبن حزر (قرص(٤)). فقال: القوم منكم على قدر حلاب اللَّبن إلى أن يحزر. فقال رجل من بني يربوع - ويقال قالته دختنوس بنت لقيط بن زرارة -
  كرب بن صفوان بن شجنة لم يدع ... من دارم أحدا ولا من نهشل
  أجعلت يربوعا كقورة دائر ... ولتحلفن باللَّه أن لم تفعل
  وذلك قول عامر بن الطَّفيل بعد جبلة بحين:
  ألا أبلغ لديك جموع سعد(٥) ... فبتوا لن نهيجكم نياما
  نصحتم بالمغيب ولم تعينوا(٦) ... علينا إنكم كنتم كراما
  / ولو كنتم مع ابن الجون كنتم ... كمن أودى وأصبح قد ألاما
  صعود بني عامر الشعب وتشاور أعدائهم في الصعود إليهم:
  فلمّا استيقنت(٧) بنو عامر بإقبالهم صعدوا الشّعب، وأمر الأحوص بالإبل التي ظمّئت قبل ذلك فقال:
  اعقلوها كلّ بعير بعقالين [في(٨)] يديه جميعا. وأصبح لقيط والناس نزول به، وكانت مشورتهم إلى لقيط؛ فاستقبلهم جمل عود(٩) أجرب أخذ أعصل كاشر عن أنيابه؛ فقال الحزاة من بني أسد - والحازي العائف(١٠) -
(١) في «ج» و «النقائض»: «عربي» بدل «عري». وفرس عري لا سرج عليه.
(٢) في «النقائض»: «فلما رحل جاؤوا منزله فإذا ... إلخ».
(٣) التكملة من «النقائض».
(٤) في «الأصول»: «فإذا فيه لبن جبن قارص» إلا «ج» ففيها «قرص» على الصحة. والتصويب من «النقائض».
(٥) كذا في «النقائض». ويرجحه أن كرب بن صفوان المقول فيه هذا الشعر ينتهي نسبه إلى سعد. وفي «الأصول»: «جموع تيم».
(٦) في «الأصول»: «ولن تغيبوا». والتصويب من «النقائض».
(٧) كذا في «النقائض» وفي «الأصول»: «فلما استثبت ...».
(٨) التكملة من «النقائض».
(٩) العود هنا: المسن من الإبل. والأحذ هنا: خفيف شعر الذنب، أو قصير الذنب. والأعصل: الملتوي الذنب.
(١٠) في «الأصول»: «فقال الحزارة من بني أسد والحازر والقائف» إلا «ج» «ففيها الحازي»، على الصحة، وهو تحريف. والعائف:
الذي يزجر الطير.