أخبار عائشة بنت طلحة ونسبها
  تضوّع مسكا بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
  فقالت: واللَّه ما قلت إلَّا جميلا، ولا وصفت إلا كرما وطيبا وتقى ودينا، أعطوه ألف درهم. فلمّا كانت الجمعة الأخرى تعرّض لها، فقالت: عليّ به فجاء. فقالت: / أنشدني من شعرك في زينب. فقال: أو أنشدك من قول الحارث فيك؟ فوثب مواليها، فقالت: دعوه؛ فإنه أراد يستقيد لابنة عمّه، هات. فأنشدها:
  ظعن(١) الأمير بأحسن الخلق ... وغدوا بلبّك مطلع الشّرق
  وتنوء تثقلها عجيزتها ... نهض الضعيف ينوء بالوسق
  ما صبّحت زوجها بطلعتها ... إلَّا غدا بكواكب الطَّلق
  قرشيّة عبق العبير بها ... عبق الدّهان بجانب الحقّ
  بيضاء من تيم كلفت بها ... هذا الجنون وليس بالعشق
  قالت: واللَّه ما ذكر إلا جميلا، ذكر أنّي إذا صبّحت زوجا بوجهي غدا بكواكب الطَّلق، وأني غدوت مع أمير تزوّجني إلى الشرق. أعطوه ألف درهم واكسوه حلَّتين، ولا تعد لإتياننا يا نميريّ.
  أخر الحارث بن خالد الصلاة لتتم طوافها:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة عن محمد بن سلَّام:
  أن عبد الملك ولَّى الحارث بن خالد على مكَّة. فأذّن المؤذّن، وخرج للصلاة، فأرسلت إليه عائشة بنت طلحة: قد بقي من طوافي شيء لم آته، وكان يتعشّقها، فأمر المؤذّن فكفّ عن الإقامة، ففرغت من طوافها. وبلغ ذلك عبد الملك فعزله. فقال: ما أهون واللَّه غضبه وعزله إيّاي عليّ عند رضاها عنّي.
  كانت معناة بعجيزتها:
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز حدّثني عمر بن شبّة قال:
  قال سلم بن قتيبة: رأيت عائشة بنت طلحة بمنى أو مسجد الخيف، فسألتني من أنت؟ قلت: سلم بن قتيبة.
  فقالت: رحم اللَّه مصعبا! ثم ذهبت تقوم ومعها / امرأتان تنهضانها، فأعجزتها(٢) أليتاها من عظمهما، فقالت: إنّي بكما لمعنّاة. فذكرت قول الحارث:
  وتنوء تثقلها عجيزتها ... نهض الضعيف ينوء بالوسق
  وروى هذا الخبر هارون بن الزيّات عن جعفر بن محمد عن أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني أبو عمرو بن خلَّاد عن المدائنيّ قال:
  قال أبو هريرة / لعائشة بنت طلحة: ما رأيت شيئا أحسن منك إلَّا معاوية أوّل يوم خطب على منبر
(١) مرت هذه الأبيات مع اختلاف يسير في «الرواية» في ترجمة الحارث بن خالد المخزومي في الجزء الثالث صفحة ٣١٩ من هذه الطبعة.
(٢) في «ج»: «فانخزلت أليتاها» أي انقطعتا وتميزتا كأنهما شيء آخر؛ قال الأعشى:
إذا تقوم يكاد الخصر ينخزل