كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الأقيشر وأخباره

صفحة 168 - الجزء 11

  غضبت دودان من مسجدنا ... وبه يعرفهم كلّ أحد

  لو هدمنا غدوة بنيانه ... لانمحت أسماؤهم طول الأبد

  اسمهم فيه وهم جيرانه ... واسمه الدّهر لعمرو بن أسد

  كلَّما صلَّوا قسمنا أجره ... فلنا⁣(⁣١) النّصف على كلّ جسد

  فحلف بنو دودان ليضربنّه. فأتاهم فقال: قد قلت بيتا محوت به كلّ ما قلت. قالوا: وما هو يا فاسق؟ قال قلت:

  وبنو دودان حيّ سادة ... حلّ بيت المجد فيهم والعدد

  فتركوه.

  كان خليعا ماجنا مدمنا لشرب الخمر:

  أخبرني وكيع عن إسماعيل بن مجمّع عن المدائنيّ قال، وأخبرني أبو أيّوب المدينيّ عن محمد بن سلَّام قال:

  كان الأقيشر كوفيّا خليعا ماجنا مدمنا لشرب الخمر، وهو الذي يقول لنفسه:

  فإنّ أبا معرض إذ حسا ... من الرّاح كأسا على المنبر

  خطيب لبيب أبو معرض ... فصار خليعا على المكبر⁣(⁣٢)

  أحلّ الحرام أبو معرض ... فإن ليم في الخمر لم يصبر

  يجلّ⁣(⁣٣) اللَّئام ويلحى الكرام ... وإن أقصروا عنه لم يقصر

  اجتاز على مجلس لبني عبس فناداه أحدهم بلقبه وكان يغضب منه فهجاه:

  / أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن المدائنيّ، وأخبرني عبد الوهّاب بن عبيد الصّحّاف الكوفيّ عن قعنب بن محرز الباهليّ عن المدائنيّ:

  أنّ الأقيشر مرّ يريد الحيرة⁣(⁣٤)، فاجتاز على مجلس لبني عبس، فناداه أحدهم: يا أقيشر، وكان يغضب منها، فزجره الأشياخ، ومضى الأقيشر ثم عاد إليه معه رجل وقال له: قف معي، فإذا أنشدت بيتا فقل لي: ولم ذلك، ثم انصرف، وخذ هذين الدرهمين. فقال له: أنا أصير معك إلى حيث شئت يا أبا معرض ولا أرزؤك شيئا، قال:

  فافعل. فأقبل به حتى أتى مجلس القوم، فوقف عليهم ثم تأمّلهم وقد عرف الشابّ، فأقبل عليه وقال:

  أتدعوني الأقيشر ذلك اسمي ... وأدعوك ابن مطفئة السّراج

  فقال له الرجل: ولم ذاك؟ فقال:

  تناجي خذنها باللَّيل سرّا ... وربّ الناس يعلم ما تناجي

  قال قعنب في خبره. فلقّب ذلك الرجل ابن مطفئة السراج.


(١) في «الأصول»: «فلها» والتصويب من «مختار الأغاني». وفيه: على كل أحد.

(٢) وضع هذا الشطر في «ب، س» موضع الشطر الذي بعده والذي بعد موضعه. والمكبر (وزان منزل) الكبر في السن.

(٣) في «ج»: «يحب».

(٤) كذا في «مختار الأغاني». وفي «الأصول»: «بدير الحيرة».