أخبار أعشى بني تغلب ونسبه
  / والزّرّقان: قرية كانت للحرّ بسنجار(١).
  مدح مدركا الكناني فأساء ثوابه فهجاه:
  قال ابن حبيب: مدح أعشى بني تغلب مدرك بن عبد اللَّه الكنانيّ أحد بني أقيشر بن جذيمة بن كعب فأساء ثوابه؛ فقال الأعشى:
  لعمرك إنّي يوم أمدح مدركا ... لكالمبتني حوضا على غير منهل
  أمرّ الهوى دوني وفيّل(٢) مدحتي ... ولو لكريم قلتها لم تفيّل
  شعره في شمعلة بن عامر حين قطع الخليفة بضعة من فخذه:
  قال ابن حبيب: كان شمعلة بن عامر بن عمرو بن بكر أخو بني فائد وهم رهط الفرس(٣) نصرانيّا وكان ظريفا، فدخل على بعض خلفاء بني أميّة، فقال: أسلم يا شمعلة. قال: لا واللَّه أسلم كارها أبدا، ولا أسلم إلَّا طائعا إذا شئت. فغضب فأمر به فقطعت بضعة من فخذه وشويت بالنار وأطعمها. فقال أعشى بني تغلب في ذلك:
  أمن حذّة(٤) بالفخذ منك تباشرت ... عداك فلا عار عليك ولا وزر
  وإنّ أمير المؤمنين وجرحه ... لكالدّهر لا عار بما فعل الدهر
  وفد على عمر بن عبد العزيز فلم يعطه فقال شعرا:
  وقال ابن حبيب قال أبو عمرو:
  كان الوليد بن عبد الملك محسنا إلى أعشى بني تغلب، فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد إليه ومدحه فلم يعطه شيئا، وقال: ما أرى للشّعراء في بيت المال حقّا، ولو كان لهم فيه حقّ لما كان لك؛ لأنّك امرؤ نصراني.
  فانصرف الأعشى وهو يقول:
  لعمري لقد عاش الوليد حياته ... إمام هدى لا مستزاد ولا نزر
  كأنّ بني مروان بعد وفاته ... جلاميد لا تندى وإن بلَّها القطر
  شعره حين قعد مالك بن مسمع عن معاونة بني شيبان:
  وقال ابن حبيب عن أبي عمرو: كانت بين بني شيبان وبين تغلب حروب، فعاون مالك بن مسمع بني شيبان في بعضها ثم قعد عنهم. فقال أعشى بني تغلب في ذلك:
  بني أمّنا مهلا فإنّ نفوسنا ... تميت عليكم عتبها ومصالها(٥)
  وترعى بلا جهل قرابة بيننا ... وبينكم لمّا قطعتم وصالها
(١) سنجار: مدينة مشهورة من نواحي الجزيرة بينها وبين الموصل ثلاثة أيام. (عن «معجم البلدان»).
(٢) فيله: قبحه وخطأه. يريد أن الممدوح لم يقدر مدحته قدرها ولم يثبها ثوابها.
(٣) كذا في «الأصول»!.
(٤) في «الأصول»: «جذوة» بالجيم وهو تحريف. والحذة (بالضم): القطعة من اللحم.
(٥) المصال: لعله هنا مصدر صال يصول إذا سطا.