كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علوية ونسبه

صفحة 233 - الجزء 11

  / قلت لعمرو بن بانة: أيّما أجود صنعتك أم صنعة علَّويه؟ فقال: صنعة علَّويه، لأنه ضارب وأنا مرتجل. ثم أطرق ساعة وقال: لا أكذبك يا أبا المهنّأ واللَّه ما أحسن / أن أصنع مثل صنعة علَّويه.

  فواحسرتا لم أقض منك لبانة ... ولم أتمتّع بالجوار وبالقرب

  ولا مثل صنعته:

  هزئت أميمة أن رأت ظهري انحنى ... وذؤابتي علَّت بماء خضاب

  ولا مثل صنعته:

  ألا يا حمامي قصر دوران هجتما ... لقلبي الهوى لمّا تغنّيتما ليا

  وقد مضت نسبة هذه الأصوات.

  غنى في شعر هجى به عليّ بن الهيثم فأغرى الفضل بن الربيع بن الأمين حتى ضربه ثم رضي عنه:

  حدّثني جحظة قال حدّثني أحمد بن الحسين بن هشام أبو عبد اللَّه قال حدّثني أحمد بن الخليل بن هشام قال:

  كان بين علَّويه وبين عليّ بن الهيثم جونقا شرّ في عربدة وقعت بينهما بحضرة الفضل بن الربيع وتمادى الشرّ بينهما، فغنّى علَّويه في شعر هجاه به أبو يعقوب⁣(⁣١) في حاجة، فهجاه وذكر أنه دعيّ. وكان جونقا يدّعي أنّه من بني تغلب، فقال فيه أبو يعقوب:

  يا عليّ بن هيثم يا جونقا ... أنت عندي من الأراقم⁣(⁣٢) حقّا

  عربيّ وجدّه نبطيّ! ... فدبنقا لذا الحديث دبنقا⁣(⁣٣)

  / قد أصابتك في التقرّب عين ... فاستنارت لشهبها الفلك برقا⁣(⁣٤)

  وإذا قال إنني عربيّ ... فانتهزه وقل له أنت شفقا

  - وللخريميّ فيه أهاج كثيرة نبطيّة - فغنّى علَّويه لحنا صنعه في هذه الأبيات بحضرة الأمين، وكان الفضل بن الربيع حاضرا فقال: يا أمير المؤمنين عليّ بن الهيثم كابني، وإذا استخفّ به فإنّما استخفّ بي. فقال الأمين:

  خذوه، فأخذوه وضرب ثلاثين درّة، وأمر بإخراجه. فطرح علَّويه نفسه على كوثر فاستصلح له الفضل بن الربيع، وترضّى له الأمين حتى رضي عنه ووهب له خمسة آلاف دينار.


(١) هو أبو يعقوب إسحاق بن حسان بن قوهى الشاعر المعروف بالخزيمي. نزل بغداد وأصله من خراسان من أبناء السفد، وكان متصلا بخريم بن عامر المري وآله فنسب إليه. وقيل: كان اتصاله بعثمان بن خريم. وكان عثمان هذا قائدا جليلا وسيدا شريفا. ومن شعر الخريمي:

رسا بالصغد أصل بني أبينا ... وأفرعنا بمهرو الشاهجان

وكم بالصغد لي من عم صدق ... وخال ماجة بالجوزجان

وكان شاعرا مجيدا من شعراء الدولة العباسية، توفي سنة ٢٠٠ هـ.

(٢) الأراقم هنا: حيّ من تغلب.

(٣) تظهر أن هذه الكلمة نبطية، وكذلك كلمة «شفقا» الآتية.

(٤) كذا ورد هذا الشطر في «ب، س» وفي «ج»: «فشاب لها العلك برقا». وفي «أ، م»: «فسارب العلك برقا». وكل ذلك غير واضح ولا مستقيم.