كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب إسماعيل بن عمارة وأخباره

صفحة 254 - الجزء 11

  وأبرد من ثلج ساتيد ما⁣(⁣١) ... إذا راح كالعطب⁣(⁣٢) المنفش⁣(⁣٣)

  وأرسح⁣(⁣٤) من ضفدع عثّة⁣(⁣٥) ... تنقّ على الشّطَّ من مرعش⁣(⁣٦)

  وأوسع من باب جسر الأمير ... تمرّ المحامل لم تخدش

  فهذي صفاتي فلا تأتها⁣(⁣٧) ... فقد قلت طردا لها كشكشي⁣(⁣٨)

  هجا جارا له بنى مسجدا قرب داره:

  وقال ابن حبيب: كان في جوار إسماعيل بن عمّار رجل من قومه ينهاه عن السّكر وهجاء الناس ويعذله، وكان إسماعيل له مغضبا. فبنى ذلك الرجل مسجدا يلاصق دار إسماعيل وحسّنه وشيّده، وكان يجلس فيه هو وقومه وذوو التستّر والصلاح منهم عامّة نهارهم، فلا يقدر إسماعيل أن يشرب في داره ولا يدخل إليه أحد ممن كان يألفه من مغنّ أو مغنّية أو غيرهما من أهل الرّيبة. فقال إسماعيل يهجوه - وكان الرجل يتولَّى شيئا من الوقوف للقاضي بالكوفة -:

  بنى مسجدا بنيانه من خيانة ... لعمري لقدما كنت غير موفّق

  كصاحبة الرّمّان لمّا تصدّقت ... جرت مثلا للخائن المتصدّق

  يقول لها أهل الصّلاح نصيحة ... لك الويل لا تزني ولا تتصدّقي

  استعدى على غاضري كلف رهطه الطواف:

  وقال ابن حبيب: ولَّي العسس⁣(⁣٩) رجل غاضريّ، فأخذ بني مالك وهم رهط إسماعيل ابن عمّار بأن كانوا معه، فطافوا إلى الغداة. فلمّا أصبح غدا على الوالي مستعديا على الغاضريّ. فقال له الوالي - وكان رجلا من همدان -: ماذا صنع بك؟ فأنشأ يقول:

  عسّ بنا ليلته كلَّها ... ما نحن في دنيا ولا آخره

  يأمر أشياخ بني مالك ... أن يحرسوا دون بني غاضرة

  واللَّه لا يرضى بذا كائنا ... من حكم همدان إلى الساهره⁣(⁣١٠)


(١) ساتيدما: جبل متصل من بحر الروم إلى بحر الهند.

(٢) العطب (بضمتين ويسكن ثانيه): القطن.

(٣) الذي في كتب اللغة أنه يقال: نفشت الصوف والقطن ونفشته (بتشديد الفاء) إذا ندفته.

(٤) في «الأصول»: «وأرشح» بالشين المعجمة. والتصويب بقلم المرحوم الشنقيطي. والرسح: قلة لحم الفخذين والعجز.

(٥) كذا في «ح». والعثة (بالعين المهملة): المحقورة والضئيلة الجسم. وفي «سائر الأصول»: «غثة» بالغين المعجمة. والغثة:

الرديئة.

(٦) مرعش: مدينة بين الشام وبلاد الروم.

(٧) في «الأصول»: «فلا تأبها» بالباء الموحدة.

(٨) في «الأصول»: «كشكش» بدون الياء. والكشكشة هنا: الهرب. يريد: فقلت لها اذهبي.

(٩) العسس: جمع أو اسم جمع لعاس، وهم طوّافو الليل لحراسة الناس والكشف عن أهل الريبة.

(١٠) كذا في «الأصول». والساهرة في اللغة: الأرض أو وجهها، وقيل هي الفلاة، وقيل هي الأرض التي لم توطأ، وقيل هي أرض يجدّدها اللَّه يوم القيامة، وبهذه الأقوال فسر قوله تعالى: {فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}.