أخبار مع عبد الله بن الحشرج
  جاء إلى عبد اللَّه بن الحشرج وهو بقهستان رجل من قشير(١) يقال له قدامة بن الأحرز(٢)، فدخل عليه وأنشأ يقول:
  أخ وابن عمّ جاءكم متحرّما(٣) ... بكم فارأبوا(٤) خلَّاته يا بن حشرج
  فأنت ابن ورد سدت غير مدافع ... معدّا على رغم المنوط المعلهج(٥)
  / فبرّزت(٦) عفوا إذا جريت ابن حشرج ... وجاء سكيتا كلّ أعقد أفحج(٧)
  سبقت ابن ورد كلّ حاف وناعل ... بجدّ إذا حار(٨) الأضاميم ممعج(٩)
  / بورد بن عمر فتّهم إنّ مثله ... قليل ومن يشر المحامد يفلج(١٠)
  هو الواهب الأموال والمشتري اللَّها(١١) ... وضرّاب رأس المستميت المدجّج
  قال: فأعطاه أربعة آلاف درهم، وقال: أعذرني يا بن عمّي؛ فإنّي في حالة(١٢) اللَّه بها عليم من كثرة الطَّلَّاب، وأنت أحقّ من عذرني. قال: واللَّه لو لم تعطني شيئا مع ما أعلمه من جميل رأيك في عشيرتك ومن انقطع إليك لعذرتك، فكيف وقد أجزلت العطاء، وأرغمت الأعداء!
  بلغه أن ابن عم له نال منه فقال فيه شعرا
  وكان لابن الحشرج ابن عمّ يقول للقشيريّ: ويحك! ليس عنده خير، وهو يكذبك ويملذك(١٣). فبلغ ذلك عبد اللَّه بن الحشرج فقال:
  أطل حمل(١٤) الشّناءة لي وبغضي ... وعش ما شئت فانظر من تضير
(١) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «قريش» وهو تحريف.
(٢) في ط، م: «بن الأخزر». ومن أسمائهم «الأخزر» و «الأحرز».
(٣) كذا في ط، م. وفي ب، س، أ: «متحرزا». وفي ح: «متخربا».
(٤) في ب، س: «فعطفا على خلاته». وفي سائر الأصول: «بكم فاربؤا خلاته». والخلة (بالفتح): الحاجة والفقر. ورأبها: إصلاحها وسدّها.
(٥) المنوط: الدعي الذي ينتمي إلى قوم ليس هو من أصلهم. والمعلهج: الأحمق الهذر اللئيم، والدعي، والهجين الذي ولد من جنسين مختلفين.
(٦) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول محرّفة بين «فمررت» و «فمردت».
(٧) السكيت (وتشدّد الكاف أيضا): آخر خيل الحلبة. والأعقد: الملتوي الذنب. والأفحج: ذو الفحج، وهو تداني صدور القدمين وتباعد العقبين. يريد كل ناقص غير تام الخلق.
(٨) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول محرفة بين: «جاء» و «جاز».
(٩) كذا في ط، م. وهذه الكلمة محرفة في سائر الأصول بين «ممنج» و «سمنج» «وسمحج». والممعج: الكثير المعج، وهو السرعة في المر. والأضاميم: الجماعات.
(١٠) يفلج: يظفر.
(١١) اللها: جمع لهاة، وهي في الأصل اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم. والشاعر يكنى بها هنا عن الثناء والمديح.
(١٢) في ب، س، أ: «على حالة».
(١٣) في ب، س: «يلمزك» تحريف. وملذة: أرضاه بكلام لطيف وأسمعه ما يسر من غير فعل.
(١٤) في الأصول هنا ما عدا ط، ح، م: «عمل» تحريف. (انظر الحاشية الثالثة ص ٢٧٧) من هذه الطبعة.