أخبار محمد بن الحارث بن بسخنر
  صوت
  إذا المرء قاسى الدّهر وأبيضّ رأسه ... وثلَّم تثليم الإناء جوانبه
  فليس له في العيش خير وإن بكى ... على العيش أو رجّى الذي هو كاذبه
  - الشعر والغناء لإسحاق، ولحنه فيه رمل بالوسطى - فأمره الواثق بأن يغنّيه، فغنّاه [إياه](١) وأحسن ما شاء وأجاد. واستحسنه الواثق وأمره بأن يردّده، فردّده مرارا كثيرة، حتى أخذه الواثق وأخذه جواريه والمغنّون. قال جحظة قال الهشاميّ فحدّثت بهذا الحديث عمرو بن بانة فقال: ما خلق اللَّه تعالى أحدا يغنّي هذا الصوت كما يغنّيه هبة اللَّه بن إبراهيم بن المهديّ. فقلت له: قد سمعت ابن إبراهيم(٢) يغنّيه، فاسمعه من محمد ثم احكم. فلقيني بعد ذلك فقال: الأمر كما قلت، قد سمعته من محمد فسمعت منه الإحسان كلَّه.
  ردّد صوتا آخر من جارية أخرى
  أخبرني جعفر بن قدامة قال حدّثني عليّ بن يحيى المنجّم قال:
  كنت يوما في منزلي، فجاءني محمد بن الحارث بن بسخنّر مسلَّما وعائدا من علة كنت وجدتها؛ فسألته أن يقيم عندي ففعل، ودعوت بما حضر فأكلنا وشربنا، وغنّى(٣) محمد بن الحارث هذا الصوت:
  صوت
  أمن ذكر خود عينك اليوم تدمع ... وقلبك مشغول بخودك مولع
  وقائلة لي يوم ولَّيت(٤) معرصا ... أهذا فراق الحبّ أم كيف تصنع
  فقلت كذاك الدّهر يا خود فاعلمي ... يفرّق بين الناس طرّا ويجمع
  - أصل هذا الصوت يمان هزج بالوسطى. قال الهشاميّ: وفيه لفليح ثاني ثقيل، ولإسحاق خفيف رمل - قال عليّ بن يحي: فقلت له وقد ردّد هذا الصوت مرارا وغنّاه أشجى غناء: إنّ لك في هذا الصوت معنى، وقد كرّرته من غير أن يقترحه عليك أحد. فقال: نعم! هذا صوتي / على جارية من القيان كنت أحبّها وأخذته منها. فقلت له: فلم لا تواصلها؟ فقال:
  لو لم أنكها دام لي حبّها ... لكنّني نكت فلا نكت(٥)
  فأجبته فقلت:
  أكثرت من نيكها والنّيك مقطعة ... فارفق بنيكك إنّ الرّفق(٦) محمود
(١) زيادة عن ط، ف.
(٢) في أكثر الأصول: «قد سمعت أن إبراهيم ...» والصواب من ط.
(٣) في ط: «وغنانا».
(٤) في ط: «كيف وليت».
(٥) كذا في ط، ح. ف. وفي سائر الأصول:
... دام لها حبي ..... فلا نكتها «
(٦) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «إن النيك محمود».