كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن الحارث بن بسخنر

صفحة 299 - الجزء 12

  صوت

  إذا المرء قاسى الدّهر وأبيضّ رأسه ... وثلَّم تثليم الإناء جوانبه

  فليس له في العيش خير وإن بكى ... على العيش أو رجّى الذي هو كاذبه

  - الشعر والغناء لإسحاق، ولحنه فيه رمل بالوسطى - فأمره الواثق بأن يغنّيه، فغنّاه [إياه]⁣(⁣١) وأحسن ما شاء وأجاد. واستحسنه الواثق وأمره بأن يردّده، فردّده مرارا كثيرة، حتى أخذه الواثق وأخذه جواريه والمغنّون. قال جحظة قال الهشاميّ فحدّثت بهذا الحديث عمرو بن بانة فقال: ما خلق اللَّه تعالى أحدا يغنّي هذا الصوت كما يغنّيه هبة اللَّه بن إبراهيم بن المهديّ. فقلت له: قد سمعت ابن إبراهيم⁣(⁣٢) يغنّيه، فاسمعه من محمد ثم احكم. فلقيني بعد ذلك فقال: الأمر كما قلت، قد سمعته من محمد فسمعت منه الإحسان كلَّه.

  ردّد صوتا آخر من جارية أخرى

  أخبرني جعفر بن قدامة قال حدّثني عليّ بن يحيى المنجّم قال:

  كنت يوما في منزلي، فجاءني محمد بن الحارث بن بسخنّر مسلَّما وعائدا من علة كنت وجدتها؛ فسألته أن يقيم عندي ففعل، ودعوت بما حضر فأكلنا وشربنا، وغنّى⁣(⁣٣) محمد بن الحارث هذا الصوت:

  صوت

  أمن ذكر خود عينك اليوم تدمع ... وقلبك مشغول بخودك مولع

  وقائلة لي يوم ولَّيت⁣(⁣٤) معرصا ... أهذا فراق الحبّ أم كيف تصنع

  فقلت كذاك الدّهر يا خود فاعلمي ... يفرّق بين الناس طرّا ويجمع

  - أصل هذا الصوت يمان هزج بالوسطى. قال الهشاميّ: وفيه لفليح ثاني ثقيل، ولإسحاق خفيف رمل - قال عليّ بن يحي: فقلت له وقد ردّد هذا الصوت مرارا وغنّاه أشجى غناء: إنّ لك في هذا الصوت معنى، وقد كرّرته من غير أن يقترحه عليك أحد. فقال: نعم! هذا صوتي / على جارية من القيان كنت أحبّها وأخذته منها. فقلت له: فلم لا تواصلها؟ فقال:

  لو لم أنكها دام لي حبّها ... لكنّني نكت فلا نكت⁣(⁣٥)

  فأجبته فقلت:

  أكثرت من نيكها والنّيك مقطعة ... فارفق بنيكك إنّ الرّفق⁣(⁣٦) محمود


(١) زيادة عن ط، ف.

(٢) في أكثر الأصول: «قد سمعت أن إبراهيم ...» والصواب من ط.

(٣) في ط: «وغنانا».

(٤) في ط: «كيف وليت».

(٥) كذا في ط، ح. ف. وفي سائر الأصول:

... دام لها حبي ..... فلا نكتها «

(٦) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «إن النيك محمود».