كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار العرجي ونسبه

صفحة 300 - الجزء 1

  قال إسحاق: قد ذكر عتبة بن إبراهيم اللَّهبيّ⁣(⁣١): أنّ العرجيّ فيما بلغه باع أموالا عظاما كانت له وأطعم ثمنها في سبيل اللَّه حتى نفد ذلك كلَّه. وكان قد اتّخذ غلامين، فإذا كان الليل نصب قدره⁣(⁣٢) وقام الغلامان يوقدان، فإذا نام واحد قام الآخر، فلا يزالان كذلك حتى يصبحا، يقول: لعلّ طارقا يطرق.

  أخبرني حبيب بن نصر قال حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة قال حدّثني مصعب، وأخبرنا الحرميّ عن الزّبير عن عمّه مصعب، وعن محمد بن الضّحّاك بن عثمان عن أبيه قال، دخل حديث بعضهم في بعض، وأخبرني محمد بن مزيد عن حمّاد عن أبيه عن مصعب قال:

  العرجيّ خليفة عمر بن أبي ربيعة

  كانت حبشيّة من مولدّات مكة ظريفة صارت إلى المدينة، فلمّا أتاهم موت عمر بن أبي ربيعة اشتدّ جزعها وجعلت تبكي وتقول: من لمكة وشعابها وأباطحها ونزهها ووصف نسائها وحسنهنّ وجمالهنّ ووصف ما فيها! فقيل لها: خفّضي عليك؛ فقد نشأ فتى من ولد عثمان ¥ يأخذ مأخذه ويسلك مسلكه. فقالت: أنشدوني من شعره، فأنشدوها؛ فمسحت عينها وضحكت وقالت: الحمد للَّه الذي لم يضيّع حرمه.

  العرجيّ وكلابة مولاة عبد اللَّه بن القاسم العبلى

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثني الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي مصعب، وأخبرني محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن عورك⁣(⁣٣) الَّلهبيّ:

  أنّ مولاة لثقيف يقال لها كلابة⁣(⁣٤) كانت عند عبد اللَّه بن القاسم الأمويّ العبليّ⁣(⁣٥)، وكان يبلغها تشبيب العرجيّ بالنساء وذكره لهنّ في شعره، وكانت كلابة تكثر أن تقول: لشدّ ما اجترأ العرجيّ على نساء قريش حين⁣(⁣٦) يذكرهنّ في شعره! ولعمري / ما لقي أحدا فيه خير، / ولئن لقيته لأسوّدنّ وجهه! فبلغه ذلك عنها. قال إسحاق في خبره: وكان العبليّ نازلا على ماء لبني نصر بن معاوية يقال له الفتق⁣(⁣٧) على ثلاثة أميال من مكَّة على طريق من جاء


(١) لا ندري أهو منسوب إلى أبي لهب عم النبي ÷، أم إلى لهب وهي قبيلة من الأزد، وقد نسب لهما جميعا. وممن نسب إلى الأوّل إبراهيم بن أبي حميد اللهبي وإبراهيم بن أبي خداش اللهبي من أهل مكة. ولا ندري أعتبة هذا ابن أحدهما أم لا.

(٢) في ت: «قدوره».

(٣) تقدّم هذا الاسم في صفحة ٤٠ من هذا الجزء وقال عنه صاحب «الأغاني»: إنه الحسن بن عتبة. وسيرد في الجزء الثامن من «الأغاني» في ذكر الحارث بن خالد ونسبه وخبره وقال عنه: إنه المعروف بفورك بالفاء.

(٤) كذا في الأصول عارية عن الضبط غير أنه في نسخة ت ضبطت في هذا الموضع بضم الكاف وفتح اللام. وفي أحين ذكرت في الشعر الآتي بعد ضبطت بضم الكاف فقط. ولم نعثر في «كتب اللغة والتراجم» على التسمية بهذا الاسم، غير أن وزن الشعر يحتم تخفيف اللام. ويغلب على الظن أن وزنها فعالة بضم ففتح؛ وقد سمّي به كثيرا كقحافة وثمامة وأمامة وغيرها.

(٥) هو بفتح العين وإسكان الباء نسبة إلى عبلة أم قبيلة من قريش يقال لهم العبلات من بني أمية الصغرى، والنسبة إليهم عبلى بفتح فسكون؛ لأن النسبة إلى الجمع يراعي فيها المفرد. وقال ابن ماكولا: النسبة إليهم عبلى بفتح العين والباء. قال المرتضى:

والتحريك خطأ كما حققه البلبيسي في «الأنساب». وأما العبل - بفتح العين والباء - بن عمر بن مالك بن زيد بن رعين فأبو قبيلة أخرى.

(٦) كذا في ت، ب، ح. وفي سائر النسخ: «حتى».

(٧) في الأصول: «الفنق» بفاء فنون. وهو مصحف عن الفتق بفاء فتاء. قال في ياقوت: «الفتق قرية بالطائف. وفي كتب» المغازي «أن النبي ÷ سيّر قطبة بن عامر بن حديدة إلى تبالة ليغير على خثعم في سنة تسع، فسلك على موضع يقال له فتق. وقرأت بخط بعض الفضلاء: الفتق من مخاليف الطائف بفتح الفاء وسكون التاء. وفي» كتاب الأصمعي «في ذكر نواحي الطائف فقال: و» قرية الفتق «أه.