كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان الأصغر

صفحة 323 - الجزء 12

٩ - أخبار مروان الأصغر⁣(⁣١)

  كان أهله شعراء وشعره دونهم

  قد مرّ نسبه ونسب أبيه وأهله وأخبارهم متقدّما. وكان مروان هذا آخر من بقي منهم يعدّ في الشعراء، وبقي بعده منهم متوّج. وكان ساقطا بارد الشّعر. فذكر لي عن أبي هفّان أنه قال: شعر آل أبي حفصة بمنزلة الماء الحارّ.

  ابتداؤه في نهاية الحرارة ثم تلين حرارته، ثم يفتر ثم يبرد، وكذا كانت أشعارهم، إلا أنّ ذلك الماء لمّا انتهى إلى متوّج جمد.

  وهذا الشعر يقوله مروان في المنتصر، وكان قد أقصاه وجفاه، وأظهر خلافا لأبيه في سائر مذاهبه حتى في التشيّع، فطرد مروان لنصبه، وأخرجه عن جلسائه. فقال هذه الأبيات وسأل بنان بن عمرو فغنّى فيها المنتصر ليستعطفه. وخبره في ذلك يذكر في هذا الموضع من الكتاب.

  مدح المتوكل وولاة عهده فأكرمه وأقطعه ضيعة

  أخبرني عمّي وحبيب بن نصر المهلَّبي قالا حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني حمّاد بن أحمد بن سليمان الكلبي قال حدّثني أبو السّمط مروان الأصغر قال:

  لمّا دخلت إلى المتوكَّل مدحته ومدحت ولاة العهود الثلاثة، وأنشدته⁣(⁣٢):

  سقى اللَّه نجدا والسلام على نجد ... ويا حبّذا نجد على النّأي والبعد

  نظرت إلى نجد وبغداد دونها ... لعلَّي أرى نجدا وهيهات من نجد

  ونجد بها قوم هواهم زيارتي ... ولا شيء أحلى من زيارتهم عندي

  / قال: فلمّا فرغت منها أمر لي بمائة وعشرين ألف درهم وخمسين ثوبا وثلاثة من الظَّهر فرس وبغلة وحمار، ولم أبرح حتّى قلت قصيدتي التي أشكره فيها وأقول:

  /

  تخيّر ربّ النّاس للنّاس جعفرا ... وملَّكه أمر العباد تخيّرا

  فلما صرت إلى هذا البيت:

  فأمسك ندى كفّيك عنّي ولا تزد ... فقد كدت أن أطغى وأن أتجبّرا

  قال لي لا واللَّه لا أمسك حتّى أغرّقك بجودي.

  وحدّثني عمّي بهذا الخبر قال حدّثني أحمد بن أبي طاهر قال حدّثني حماد بن أحمد بن يحي قال حدّثني


(١) وردت في ط، م قبل ترجمة مروان هذا ترجمة يوسف بن الحجاج الصيقل. وهي واردة في ب جزء ٢٠ ص ٩٣ وما بعدها.

(٢) كذا في ط، م، ف. وفي سائر الأصول: «وأنشدته هذا».