كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار العرجي ونسبه

صفحة 307 - الجزء 1

  إليه وكان أزرق فعرفته، فقالت: العرجيّ بن عمر وربّ الكعبة! ووثبت وسترها نساؤها وقلن: انصرف عنّا لا حاجة بنا إلى لبنك. فمضى منصرفا، وقال في ذلك:

  أقول لصاحبيّ ومثل ما بي ... شكاه المرء ذو الوجد الأليم ش

  / إلى الأخوين مثلهما إذا ما ... تأوّبه مؤرّقه الهموم

  لحيني والبلاء لقيت ظهرا ... بأعلى النّقع⁣(⁣١) أخت بني تميم

  فلمّا أن رأت عيناي منها ... أسيل الخدّ في خلق عميم⁣(⁣٢)

  وعيني جؤذر خرق⁣(⁣٣) وثغرا ... كلون الأقحوان وجيد ريم

  حنا أترابها دوني عليها ... حنوّ العائدات على السّقيم

  قال إسحاق في خبره: فقال رجل من بني جمع يقال له ابن عامر للأوقص وقضى عليه بقضيّة فتظلَّم منه:⁣(⁣٤) واللَّه لو كنت أنا عبد اللَّه بن عمر العرجيّ لكنت قد أسرفت عليّ. فضربه الأوقص سبعين سوطا.

  أبو السائب المخزومي وشعر العرجي

  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا مصعب بن عبد اللَّه عن أبيه قال:

  أتاني أبو السّائب المخزوميّ ليلة بعد ما رقد السّامر فأشرفت عليه. فقال: سهرت وذكرت أخا لي أستمتع به، فلم أجد سواك. فلو مضينا إلى العقيق فتناشدنا وتحدّثنا! فمضينا، فأنشدته في بعض ذلك بيتين للعرجي:

  باتا بأنعم ليلة حتّى بدا ... صبح تلوّح كالأغرّ الأشقر

  فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر

  فقال: أعده عليّ، فأعدته. فقال: أحسن واللَّه! امرأته طالق إن نطق بحرف غيره حتّى يرجع إلى بيته.

  قال: فلقينا عبد اللَّه بن حسن بن حسن، فلمّا صرنا إليه وقف⁣(⁣٥) بنا وهو منصرف من ماله يريد المدينة، فسلَّم ثم قال: كيف أنت يا أبا السائب؟ فقال:

  / فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر

  فالتفت إليّ فقال: متى أنكرت صاحبك؟ فقلت: منذ الليلة. فقال: إنّا للَّه! وأيّ كهل أصيبت منه قريش! ثم مضينا، فلقينا محمد بن عمران التّيميّ قاضي المدينة يريد مالا له على بغلة له ومعه غلام على عنقه مخلاة فيها قيد البغلة، فسلَّم ثم قال: كيف أنت يا أبا السائب؟ فقال:

  / فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر


(١) النقع: موضع قرب مكة في جنبات الطائف.

(٢) عميم: تامّ.

(٣) يقال: خرق الظبي فهو خرق، إذا دهش من فزع.

(٤) كذا في ح. وفي سائر النسخ: «فتظلم منه وقال له الخ». وكلمة «وقال له» مكررة لا داعي إليها.

(٥) كذا في ت. وفي سائر النسخ: «ووقف»؛ بالواو. وقد تزاد الواو في جواب «لما».