كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار منظور بن زبان

صفحة 409 - الجزء 12

  جعلت خولة أمرها إلى الحسن # فتزوّجها، فبلغ ذلك منظور بن زبّان فقال: أمثلي يفتات عليه في ابنته! فقدم المدينة، فركز راية سوداء في مسجد رسول اللَّه ، فلم يبق قيسيّ بالمدينة إلا دخل تحتها، فقيل لمنظور بن زبان: أين يذهب بك! تزوّجها الحسن بن عليّ # وليس مثله أحد. فلم يقبل. وبلغ الحسن / # ما فعل، فقال له: ها، شأنك⁣(⁣١) بها، فأخذها وخرج بها. فلما كان بقباء جعلت خولة تندّمه وتقول:

  الحسن بن عليّ سيد شباب أهل الجنة. فقال: تلبّثي هاهنا، فإن كانت للرجل فيك حاجة فسيلحقنا هاهنا. قال:

  فلحقه الحسن والحسين @ وابن جعفر وابن عباس، فتزوّجها الحسن، ورجع بها. قال الزبير: ففي ذلك يقول جفير⁣(⁣٢) العبسيّ:

  إن النّدى من بني ذبيان قد علموا ... والجود في آل منظور بن سيّار

  الماطرين بأيديهم ندىّ ديما ... وكلّ غيث من الوسميّ⁣(⁣٣) مدرار

  تزور جاراتهم وهنا⁣(⁣٤) فواضلهم ... وما فتاهم لها سرّا بزوّار

  ترضى قريش بهم صهرا لأنفسهم ... وهم رضا لبني أخت وأصهار

  لما أسنت خولة بنته برزت للرجال وغناها معبد بشعر قيل فيها فطربت

  أخبرني إسماعيل بن يونس الشّيعيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني ابن أبي أيّوب عن ابن عائشة المغنّي عن معبد:

  أن خولة بنت منظور كانت عند الحسن بن عليّ @، فلما أسنّت مات عنها أو طلَّقها، فكشفت قناعها وبرزت للرجال. قال معبد: فأتيتها ذات يوم أطالبها بحاجة، فغنيّتها لحني في شعر قاله فيها بعض بني فزارة، وكان خطبها فلم ينكحها أبوها:

  قفا في دار خولة فاسألاها ... تقادم عهدها وهجرتماها

  بمحلال كأن المسك فيه ... إذا فاحت⁣(⁣٥) بأبطحه صباها

  كأنّك مزنة برقت بليل ... لحرّان يضيء له سناها

  فلم تمطر عليه وجاوزته ... وقد أشفى عليها أو رجاها

  وما يملا فؤادي فاعلميه ... سلوّ النفس عنك ولا غناها

  وترعى حيث شاءت من حمانا ... وتمنعنا فلا نرعى حماها


(١) في ف: «فقال له شأنك بها».

(٢) كذا في جميع الأصول، والذي يعرف من أسمائهم جيفر.

(٣) الوسمي: مطر الربيع الأوّل.

(٤) الوهن: نحو من نصف الليل أو بعد ساعة منه، والفواضل: الأيدي الجسيمة.

(٥) كذا في ف، وفي سائر الأصول: «باحت».